recent
أخبار ساخنة

هل يعود اليهود إلى فلسطين - لماذا تحت قيادة النبي يوشع بن نون.

أستاَََد أفغول عبد القادلر
الصفحة الرئيسية


هل يعودة اليهود إلى فلسطين - لماذا تحت قيادة النبي يوشع بن   .نون



بنو اسرئيل في أرض سيناء 





يذكر لنا التاريخ و الكتب المقدسة اليهودية، بأن بني إسرائيل تاهوا في صحراء "سيناء" مدة أربعين سنة. و كان ذلك بعد خروجهم من مصر مع سيدنا موسى، و أخيه سيدنا هارون عليهما السلام. إن كانت في الأساسي عقوبة لهم على عصيانهم أمر الله، ولتمردهم على نبيهم موسى عليه السلام و لامتناعهم دخول "الأرض المقدسة". لقد سلط الله عليهم هذه العقوبة لتطهير نفوسهم من أدران الشرك و المفاسد التي طالت سلوكاتهم نتيجة معاشرتهم قوم فرعون، حقبة طويلة من الزمن. وقد جاء ذكر التيه في القرآن الكريم.


 قال تعالى:(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ.) 1. 






قبل التيه بكثير، كان بنو إسرائيل قد دخلوا مصر عاشوا مع أهلها ، و أول من دخلها منهم هو النبي يوسف عليه السلام. يحاول المؤرخون و علماء ألآثار تحديد فترة إقامتهم في مصر بداية فيذهبون إلى أن دخولهم كان في القرن السادس عشر قبل الميلاد. دعا يوسف عليه السلام أبويه و إخوته إليها، و ذلك عندما كلفه عزيز مصر بالإشراف على خزائن مصر في المملكة الفرعونية، و منذ ذلك الوقت رحل نبي الله يعقوب، و أبنائه الأسباط من بلاد كنعان حيث الحياة البداوة، إلى حياة التحضر و الاستقرار والعيش الكريم في مصر. 



و مما مر بنا، نعلم أن نفوس بني إسرائيل الذين خرجوا مع سيدنا موسى عليه السلام، فيما بعد إلى مصر قد انطوت على مساوئ أخلاقية كثيرة. إن التيه الذي عاقبهم الله به على رفضهم الدخول إلى "الأرض المقدسة" كان ضروريا لتطهير نفوسهم، و الرجوع بهم إلى فطرة التوحيد و الخير. كما أن في سنين التيه الأربعين، التي قضوها في الصحراء المصرية،نشأ جيل منهم، وهم من الأبناء والأحفاد الذين خرجوا مع النبي موسى عليه السلام.


 لم يكن لديهم موطن يستقرون فيه و لا بقعة أرض يقيمون فيها و يمتلكون ترابها. فلقد ألفوا حياة التحرر، يمجدون الحرية، و لا يقبلوا الانصياع لأمر أحد، يتنقلون من موضع إلى آخر. وكان للمعجزات التي مروا بها في مرحلة التيه، اثر كبير في تربيتهم تربية روحية و إيمانية عالية. فصار هذا الجيل أهلا لحمل الرسالة و تبليغها، ومؤمن قوي وشجاع مستعد، لمقاتلة الظالمين من "الجبابرة"، والجهاد في سبيل الله، ودخول "الأرض المقدسة". 


من هنا يتبين سبب الاهتمام الرباني بإرسال نبي عظيم من أولي العزم لهم، مع أن الأغلبية التي كانت معهم و برفقتهم فاسقين منغمسين في المجون، ولم يكونوا في مستوى مهمة تبليغ "الرسالة الإلهية"، و لا الإيمان بها، بل أن هؤلاء الذين خرجوا مع النبي موسى عليه السلام، تذمروا كثيرا من هذا النبي و أخيه، بل أدت بهم نفوسهم الذميمة إلى الوقاحة و السخرية و الاستهزاء بموسى عليه السلام، و رفضوا الدخول "الأرض المقدسة". 


قالت التوراة: فرفعت كل الجماعة صوتها و صرخت، و بكى الشعب تلك الليلة، و تذمر على موسى و هارون جميع بني إسرائيل، و قالت لهما كل الجماعة ليتنا متنا في أرض مصر، أو ليتنا متنا في هذا القفر، و لماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف. تصير نساؤنا و أطفالنا غنيمة. أليس خيرا لنا أن نرجع إلى مصر، فقال بعض لبعض نقيم نقيبا، و نرجع إلى مصر2. 





لقد هلك كل النقباء و لقوا نحبهم جميعا في صحراء مصر في" فترة التيه"، قضى الوباء عليهم جميعا. قالت التوراة: أما الرجال الذين أرسلهم موسى ليتجسسوا الأرض، رجعوا و سجسوا أي تغيروا عليه، كل الجماعة بإشاعة المذمة على الأرض، فمات الرجال الذين أشاعوا المذمة الرديئة على الأرض بالوباء أمام الرب. 3.


 لقد قضى الله تعالى عليهم و على نقبائهم و لم يفلحوا أبدا في الخروج من صحراء مصر. ولم يبق منهم إلا الجيل الجديد من الأبناء والأحفاد كما ذكرنا، يقودهم كالب بن يوفانا ويوشع بن النون عليهما السلام إلى الأرض المقدسة، والانتصار على "الجبابرة".

 ــــــــــــــــــــــــــ

  1. سورة المائدة الآية 20 ـ 26   
  2. سفر العدد الإصحاح 14 
  3.  سفر العدد الإصحاح 14











                 كيف نجح  يوشع بن النون Ben Nun Josué 




إنه نبي من أنبياء بني إسرائيل الكثيرين، الذي لا يتمتع بصيت و لا ذكر مشهور لدى المسلمين إلا عند بعض العلماء الذين تابعوا سيرته. يسمى هذا البني الكريم عند المسيحيين،  سيدنا يشُوعُ بْنُ نُونٍ و عند المسلمين، يُوشَعُ بْنُ نُونٍ و عند "اليهود يهوشوع". و هو نبي شريف من أنبياء بني إسرائيل. ذكرت شخصيته التاريخية القوية، في  سفر يشوع لقد عاش في فترة النبي موسى عليه السلام. و تولى قيادة بني إسرائيل بعد وفاة سيدنا موسى. ينتمي إلى قبيلة إفرائيم بن يوسف بن يعقوب كما هو مبين في الجدول أعلاه. و هو ابن عم النبي "سيدنا هود".





لقد سجلت التوراة أن سيدنا موسى عينه بأمر من الرب، ليخلفه في قيادة شعب بني إسرائيل. ورد في سفر العدد ما يلي: فَكَلَّمَ مُوسَى الرَّبِّ قَائِلاً: «لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلاً عَلَى الْجَمَاعَةِ، يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا». فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلاً فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ، وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بني إسرائيل.1.





بعد وفاة سيدنا موسى وسيدنا هارون عليهما السلام، تولى أمر بني إسرائيل كما ذكرنا، النبي يوشع بن نون عليه السلام، الذي واصل بهم المجيء إلى فلسطين، أرض بلاد كنعان، التي تعتبرها التوراة جزء فلسطين منها، أرض "الميعاد". ساس هذا النبي الكريم أمورهم بالحكمة و بالعدل، و يعود إليه الفضل، بعد النبي موسى، في إخراج بني إسرائيل من التيه في صحراء "سيناء"، والدخول بهم" بيت المقدس" أي أورشليم بعد حصار طويل، وقتال عنيف في مجابهة "الجبابرة" المتواجدين في فلسطين


بعد معارك ضارية، تمكن النبي يوشع الاقتراب من النصر و ذلك يوم الجمعة، وقت العصر، و كان يوم السبت، اليوم الذي حرم الله فيه الصيد البحري على بني لإسرائيل، و العمل فيه. خشي النبي يوشع أن يدركه مغيب اليوم الجمعة، فيدخل فيه، فلا يستطيع موصلة القتال، و هو على مقربة من النصر. دعا ربه يهوه بان لا تغيب الشمس حتى يتحقق النصر لهم. وبقدرة الله كان له ذلك. فتحقق النصر لهم بعد خوض حرب ضروس على الأعداء، أبادت كل أهل المناطق التي وقعت في أيديهم. 



قام يوشع بن نون بعد الفوز، بتوزيع الغنائم و منح الأراضي المحتلة على سائر قبائلهم من أسباط النبي يعقوب، و هذا حسب العهد القديم. ينتسب بعض من هذه القبائل إلى النبي يوسف بن يعقوب، و هي قبائل منسى و إفرائيم. و الباقي منها، هم إخوة النبي يوسف، و هم أبناء النبي يعقوب عليه السلام. 


 يقول سفر يوشع: كان بعد موت سيدنا موسى عبد الرب أن الرب كلّم يوشع بن نون خادم موسى قائلا: موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر هذا الأردن، أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل. كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته، كما كلمت موسى. من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أرض الحثّيين و إلى البحر الكبير، نحو مغرب الشمس يكون تخومكم. لا يقف إنسان في وجهك، كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك، ولا أتركك. تشدد وتشجع. لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض، التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم. إنما كن متشددا، وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي. لا تمل عنها يمينا، ولا شمالا، لكي تفلح حيثما تذهب. لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك. بل تلهج فيه نهارا، وليلا، لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح. أما أمرتك. تشدد وتشجّع. لا ترهب ولا ترتعب، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب. 2 





فأمر  سيدنا يوشع عرفاء الشعب قائلا: جوزوا في وسط المحلّة وأمروا الشعب قائلين. هيّئوا لأنفسكم زادا لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأردن. هذا لكي تدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم لتمتلكوها. ثم كلم يوشع الرأوبينيين والجاديين ونصف سبط منسّى، قائلا اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب قائلا. الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض. نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عبر الأردن. وانتم تعبرون متجهزين. 3 


 


ثم قال: أمام إخوتكم كل الأبطال ذوي البأس وتعينونهم حتى يريح الرب إخوتكم، مثلكم ويمتلكوا هم أيضا الأرض التي يعطيهم الرب إلهكم ثم ترجعون إلى أرض ميراثكم وتمتلكونها التي أعطاكم موسى عبد الرب في عبر الأردن نحو شروق الشمس. فأجابوا يوشع قائلين. كل ما أمرتنا به نعمله، وحيثما ترسلنا نذهب. حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك. إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. كل إنسان يعصى قولك، ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل. إنما كن متشددا وتشجّع.4 





لقد استلم النبي يوشع قيادة بني إسرائيل، طاعة للرب و تنفيذا لأمر سيدنا موسى، من بعد وفاته. وأصبح منذ ذلك الوقت قائداً لبني إسرائيل طوال الحقبة التي تم فيها الاستيلاء على معظم أراضي الكنعانيين، و توزيعها على الأسباط. و هذا بعد خوض معارك طاحنة بنجاح كما مر بنا، و اجتياز نهر الأردن من خلال ثلاث هجمات متتالية: الأولى في الشمال و الثانية في الوسط و الأخيرة في الجنوب، أسفرت كلها على انتصار بني إسرائيل و اقتحامهم التراب الكنعاني. ثم راح سيدنا يوشع بن نون بعد الانتصار الذي حققه على الكنعانيين، يهتم كثيرا بتوزيع و تمليك كل الأراضي المحتلة على بني إسرائيل، قبل وفاته. استمر النبي يوشع يقود بني إسرائيل إلى غاية وفاته. 


لقد مات هذا النبي القائد المغوار في ساحة الوغى، بعد أن تقدم به السن، و عجز عن مواصلة القيادة و التحكم في تنظيم أمور بني إسرائيل. دفن في بلاد كنعان، بعد أن قسم الأراضي المحتلة على مختلف أسباط بني إسرائيل . كان النبي يوشع يذكر بني إسرائيل مرارا قبل الوفاة، بطاعة الله و الاجتهاد فيها، و عدم الانحراف و الميل إلى طرق الضلال و الكفر. اختلف بعض المؤرخين في مكان دفنه، يقال أنه دفن النبي يوشع بن نون بالعراق، ويقع ضريحه في "مقبرة الشيخ ببغداد". ويوجد مقام لهُ في ضواحي مدينة السلط قرب الأردن، يعرف باسم مقام النبي يوشع بن نون.





أعقب سيدنا يوشع بن نون في خلافة بني  إسرائيل، شخصية ثانية هامة في تاريخ قيادة هذا الشعب: ألا وهو كالب بن يوفانا. كالب بن يوفنا أحد أصحاب نبي الله موسى، و "زوج أخته مريم"، وأحد الرجلين اللذين يخافون الله من بني إسرائيل، وهما يوشع بن نون ، و كالب بن يوفنا ، وهو ثاني قائم بأمور بني إسرائيل بعد موت نبي الله موسى. ذكر ابن جرير في تاريخه، أنه لا خلاف بين أهل العلم من أمتنا وغيرهم على أن القائم بأمور بني إسرائيل، بعد يوشع بن نون ، هو كالب بن يوفنا، أحد أصحاب النبي موسى عليه السلام، وأحد الرجلين الذين ممن يخافون الله. وهما يوشع و كالب "Caléb"، ثم من بعدهما النبي حزقيال بن بوذي.عرف بنو إسرائيل بعد انقضاء مرحلة النبي، يوشع و صاحبه كالب، مرحلة أخرى من تاريخهم. ألا و هي فترة القضاة. 






 مرحلة القضاة  Age des Juges 


فترة القضاة هي مرحلة جديدة في تاريخ بني إسرائيل، عرفت كذلك "بعصر القضاة". وهي المرحلة التي أعقبت وفاة نبي الله يوشع بن نون عليه السلام، وقيل إنها استمرت قرنين من الزمان. تمثلت هذه المرحلة في ظهور زعماء قبائل، و شيوخ عشائر، و قادة حرب، و أشخاص من الكهنة. جمع هؤلاء القضاة في هذه المرحلة بين السلطة الدينية و الدنيوية، فسيطروا على شؤون القبائل" العبرانية" بشكل مطلق، تلك القبائل المتواجدة في الأرض كنعان، والتي قادهم إليها النبي يوشع عليه السلام كما سلف معنا. 


لقد اعتاد بنو إسرائيل في هذه الفترة على اختيار هؤلاء القضاة حكاما عليهم ليتولوا أمر الدفاع عنهم و عن أعراضهم و ممتلكاتهم. و هذا لغياب دولة يرعاها نظام سياسي معين. كان بنو إسرائيل في أمس الحاجة إلى من يوحد صفوفهم و يجمع شملهم، يشير سفر القضاة إلى هذه المرحلة فيقول: و أقام الرب قضاة فخلصوهم من يدي ناهبيهم.5 . لقد ورد عددهم و أسماؤهم في سفر صموئيل الأول، و سفر القضاة. يطلق عليهم بالعبرية شوفطيم


يلاحظ أن عدد القضاة الذين مارسوا الحكم على بني إسرائيل، فيه اختلاف كبير جدا، في الكتب المقدسة، و عند المؤرخين. الراجح في الأمر أن عدد القضاة كان ستة عشرة قاض أو يزيد قليلا. يعود سبب الاختلاف إلى أنه قد يكون أكثر من قاض مارس الحكم، و قاد بني إسرائيل في آن واحد. و إليك الأسماء:


  •  عثنيئيل بن فاز من سبط يهوذا.
  • هود بن جبرا من سبط بنيامين.                                                                 
  •  شجحر بن عبادة و دبورة و بارق بن ابينوعم من سبط أفرائيم. 
  • جدعون بن يواش الأبيعزري من سبط منسي بن يوسف.
  •  أبيما لك بن جدعون و ابن يد بعل و تولع بن فواة بن دودو من سبط يساكر. 
  •  الجلعادي و يفتاح الجلعادي و إبصان البيتلحمي و أيلون الزبولوني من سبط زبولون
  • عبدون بن هليل الفرعتوني و شمشون بن منوح الداني و عاي الكاهن و صوئيل بن القانة و بوئيل بن صموئيل و ابيا بن صموئيل.





هؤلاء الذين عرفوا" بالقضاة"، تعرضت الكتب المقدسة خاصة سفر القضاة، إلى سيرهم و مناقبهم و انتصاراتهم و نكباتهم ونكساتهم، و إلى مدى قدراتهم على التحكم في أمور بني إسرائيل من الداخل، و رد الاعتداءات الفلسطينية من الخارج. لقد اعتبر المؤرخون أن فترة القضاة هي من أسوء الفترات في تاريخ هذا الشعب، حيث شاعت بينهم إلى جانب الحروب و الغزوات، الفواحش و الرذائل و الإجرام و انغمس الناس في الملذات،و تغلغلت العقيدة الوثنية في أوساطه،خاصة عبادة بعل و عشتاروت، وفضلوها على دين أبائهم. 





وظلت أوضاعهم على هذه الحال حقبة من الزمن، قدرت بقرنين أو يزيد، و بعض المصادر تقول أقل من ذلك. وفي هذه الفترة كان بنو إسرائيل منقسمين في الداخل إلى قبائل متناحرة متقاتلة فيما بينها قدر عددها "باثنتي عشر قبيلة" ، فأدت هذه الوضعية المضطربة التي كانوا يعيشون أحداثها باستمرار إلى إضعافهم أمام الشعوب المجاورة من جديد. بالإضافة إلى ذلك، انتاب مجتمعهم الوهن و الجبن، و السلوكيات الخليعة كما ذكرنا. 





لقد ركن هذا الشعب في الأخير إلى الضعة و الانحطاط الخلقي و الخذلان و الجبن، بدلا من السعي إلى الدفاع عن أنفسهم و أعراضهم. بل تجرأ هذا القوم على قتل الكثيرً من أنبيائهم الكرام. سلط الله تعالى عليهم الأمم و الشعوب المجاورة، "كالعمالقة و الفلسطينيين و الآراميين"، فابتلاهم بسطوة ملوكها الجبارين الذين كانوا يتلذذون بسفك الدماء دون تردد. 



و إذا أراد بنو إسرائيل الدفاع عن أنفسهم و صد إغارات أعدائهم، اخذوا معهم "تابوت الميثاق، "Arche d’alliance" أو" تابوت السكينة "كما وصف في القرآن الكريم، فيه ألواح سيدنا  موسى "Les tables de Moïse" و عصاه، تبركا بقدسيته وبقدسية التوراة التي رافقتهم منذ قديم الزمان. 


قال الله في كتابه الكريم : (و قَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُم التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا ترَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ)6





ـ كانت الحروب سجالا مع الشعوب و الأقوام المجاورة لهم، ومستمرة طوال الأعوام، حتى انهزموا نهائيا و انتزع منهم التابوت الذي يحتوي على ألواح الوصايا العشر كما ذكرنا، أو التوراة من طرف شعوب المنطقة المنتصرة عليهم ،و من أبرز هذه الشعوب" الفلسطينيون"، و كانت معاركهم في مدن عدة، "كغزة و عسقلان "آنذاك. 


بعد اندحارهم هذا، من قبل الشعوب المجاورة، كان من البديهي أن يبحثوا بالضرورة عن من يوثق شملهم، ويوحد صفوفهم يقوي صولتهم على الأعداء. و يكون ذلك إلا تحت قيادة واحدة. سعى الكثير من شيوخهم لتحقيق هذا المطلب المصيري، فحاولوا التقرب من بعض أنبيائهم قصد استشارتهم في تحقيق هذا المبتغى. في نهاية المحاولة، اتصلوا "بنبي كريم يدعى صموئيل"، و هو آخر القضاة في هذه الفترة، وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم دون ذكر اسمه. 


بعثه الله إليهم، يستشيرونه في أمر اختيار قائد يقودهم للدفاع عن أنفسهم، و عن حرمة أراضيهم، و حرمة أعراضهم، ويقوي شوكتهم، ويسوس أمورهم، و يقيم لهم ملكا يهابه الطامعين من الغزاة المحاذين لهم. إن النبي صموئيل هو الذي كان له الفضل في تدبير أمور توحيدهم، و لم شملهم، و اختيار من يقودهم و يسير شؤونهم. 




 دور النبي صموئيل بن قانة عليه السلام  Samûel 


بقي بنو إسرائيل يعيشون بلا ملك يجمع أمرهم، و لا سيد يتولى شؤونهم، و لا حكم يضبط أحوالهم، وينظم مصالحهم، حتى أرسل الله تبارك وتعالى لهم النبي صموئيل، نشأ فيهم، و عاش ضمنهم، أرسله الله نبيا إليهم، وأمره بدعوتهم إلى عقيدة التوحيد، و إلى نبذ عبادة الأصنام. فلما باشر هذا البني دعوة قومه من بني إسرائيل إلى دين الله، اغتنموا الفرصة وطلبوا منه عندئذ، أن يختار لهم "ملكا"، يُقاتلون تحت أمرته كل المتربصين بهم، و الطامعين في أراضيهم، و الراغبين في تشتيتهم و الاستحواذ على ما يملكون، و يعيد لهم مجدهم الذي اختفى عن الوجود بسبب تعاقب الغزاة عليهم.


 اختار لهم هذا النبي الكريم رجلا بسيطا منهم يدعى "طالوت". يقول الله تعالى: (ألم تر إلى الملاء من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا و ما لنا ألا نقاتل في سبيل الله و قد أخرجنا من ديارنا و أبنائنا.)7. 



إن الله منح لهم رجلا تتوفر فيه كل الخصال التي سوف تمكنه من قيادة هذا الشعب الذي إضطربت أحواله و تشتت شمله و إنفصمت عرى وحدته. إنه الرجل المناسب الذي امتلك العلم و المروءة و القوة و القدرة على التحكم في زمام الأمور في السلم وفي الحرب.


إضافة



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


     
سورة  البقرة  الآية 248 سورة البقرة  الآية 246    




هل يعود اليهود إلى فلسطين - لماذا تحت قيادة النبي يوشع بن نون.
أستاَََد أفغول عبد القادلر

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent