recent
أخبار ساخنة

دور بولس الطرطوسي في المسيحية

أستاَََد أفغول عبد القادلر
الصفحة الرئيسية





دور بولس الطرطوسي في المسيحية




بولس الطرسوسي Paul De Tarse : 


يقول الؤرخون المسيحيون إنه شخصية مبهمة و متناقضة، معقدة، عسيرة الفهم، يلفها الكثير من الغموض، إنها تثير الكثير من الريب و التساؤل ل المختصين بدراسته. إنه من رجالات بني إسرائيل، يهودي الأب والأم من أتباع الفرقة الدينية الفريسية المتعصبة كما مر بنا. كان يبلغ عن دعاة النصرانية للرومان بغية قتلهم، فهو في واقع الحال كان جاسوسا للسلطة الرومانية الحاكمة و عميلا في خدمة نظامها، شديدة العداء و العنف و المخاصمة للسيد المسيح وتعاليمه المقدسة و لأتباعه. يعرف هذا الرجل كذلك بشاؤول Shâul بن كيساي من سبط بنيامين، كان يعمل في صناعة الخيام في مدينة طرسوس التابعة لتركيا سابقا. ھاجر إلى القدس الشريف فعمل شرطياً مخبراً لدى الكاهن اليهودي الأكبر، الذي كان يعمل بدوره لحساب الإمبراطورية الرومانية. تميز منذ صغره بالنبوغ و شدة الذكاء، و سرعة البداهة و الدهاء. درس الفلسفة على يد أشهر المفكرين اليونانيين في زمانه.




 وصف بشدة التعصب لدينه اليهودي، و بحقده و مقته للنصرانية، و بمعاداته و محاربته لها جهرا. لا يريد أن يزاحم دينه اليهودي أي دين آخر فكان متعصب شديد التعصب من ناصيته إلى أخمص قدميه. لقد عاش طفولة تافهة غير متزنة و لا سوية، تتحكم فيها غرائز الطيش و التهور و العنف و الإعتداء على الغير، فكان لصا يسطو ليلا على الكنائس النصرانية ومعابدها و يقوم بتخريبها و نهب ما فيها، و لما كبر زاد سخطه على العقيدة الجديدة. لقد برع بولس في مخاصمة أتباع المسيح خاصة الحواريين و الضعفاء من المؤمنين. فجأة تغيرت هذه الشخصية المتناقضة المتذبذبة الأطوار من حال إلى حال. لقد إدعى بولس الحاقد، أن النبي عيسى عليه السلام، أو يسوع الرب، كما يدعونه، ظهر له وهو في طريقه إلى دمشق، وعاتبه على أفعاله و معاداته له و الإساءة لأتباعه، و أخبره بأنه إصطفاه على غيره أن يكون رسولا مبلغا لتعاليمه إلى الناس، و يخاطبهم نيابة عنه، نظرا لما إتصف به هذا الرجل من علم و حكمة واسعة في الثقافة. 





لقد ذاع صيته بين الناس وعرف عندهم بالعنف و العداء و الخصومة البغيضة لأتباع يوسع المسيح. كان يطاردھم في كل مكان و يسلط عليه شتى أنواع التعذيب، و يسجنھم تارة، و ينفيھم تارة أخرى خارج البلاد، و أقدم في كثير من الأحيان على إعدام بعضهم. و زيادة على ذلك لم يكن من أتباع المسيح عليه السلام، ولم يعايش أحداث بعثته، بل جاء بعد رفعه إلى ملكوت السماء بسنوات. إنه الشخص الذي مارس حقده و مقته على مناصري المسيح و المؤمنين برسالته، و حتى تلاميذ يوسع لم يسلموا من بطشه. هذه الشخصية المتناقضة المتذبذبة، طلب ذات يوم من الحواريين، القرب و المرافقة و الإنتماء إليهم و إحتضانه ضمنهم . أثار طلبه هذا الريب و المخاوف لدى الحواريين. لم يكن لديھم أي استعداد لتقبله كواحد منھم أو تصديق روايته المزعومة. ترك بولس مدينة دمشق بعد جفاء و مقاطعة الحواريين له، و إعتزل الناس ثم قرر مغادرة البلاد بإتجه صحراء شبه الجزيرة العربية حسبه. 





يقول بعض المفكرين أن الفترة التي قضاها في الإعتزال، مكنته من إبتداع عقيدته، و تعاليمه الجديدة. هذه التعاليم التي إدعى فيما بعد، أنه تلقاها مباشرة دون واسطة من المسيح، الذي كان يوحي له بإستمرار. ظل بولس مختبئا في صحراء العرب، ثم عاد إلى دمشق بعد ثلاثة سنوات. وفکر في لقاء مع الحواريين ثانية يصارحهم بإدعاءات غريبة. قال بأنه يوحى إليه من قبل يوسع المسيح دون واسطة، و قد أمده بتعاليم جديدة ليسوا على علم بھا. توسط له صديقه برنابا عند الحواريين ليكون منهم و لينشط ضمنهم فقبلوه على مضض وصار عضوا هاما في صدارة النصارى. أراد بولس أن يفرض على الحواريين تصديق إفتراءاته و يقنعهم بأن النبي عيسى شرفه بهذه المهمة التي تجعله أعلى شأنا من سواه و أرفع مكانة، يتلقى الوحي من نبي لم يشاهده في حياته. لقد إستطاع بولس أن يمنح لنفسه لقب الرسول على غرار تلاميذ يوسع المسيح، و أقنع الناس بذلك. بهذا العمل المنحرف المضلل صار لبولس القدرة على العبث فيما جاء به النبي عيسى الذي قال للسائل: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فأحفظ الْوَصَايَا.1. أي اتبع تعاليم التوراة و أعمل بھا أما بولس فكان يقول: بكل وقاحة إن الشريعة لتجلب الغضب، وحيث تكون الشريعة لا تكون المعصية. 2.





 شرع بولس الرسول في تنفيذ العهد المزعوم، و القيام بمهمة تبليغ الرسالة للناس، إبتداءا من مدينة أنطاكيا سنة 40 ميلادية، و إستمر في عمله التبشيري خاصة في المنطقة الساحلية للبحر المتوسط، إلى غاية أن تأكد أن المسيحية أضحت الديانة الرئيسية في تلك المناطق، التي شملت اليونان ومعظم المناطق في جنوب أوروبا وسوريا والأناضول في تركيا والإسكندرية في مصر، ومعظم المناطق في شمال أفريقا. و بعدما قطف ثمار جهوده، و تمكن من تجاوز حدود فلسطين، عزم بصفة قاطعة على الإستمرار في مواصلة حمل مسؤولية التبليغ على عاتقه، فكان يقطع المسافات الطويلة المحفوفة بالمخاطر و الأهوال و الصعاب، بين آسيا و أوروبا مبشراً بالديانة المسيحية الجديدة. ولم يأبه لا لبرد الشتاء القارص، ولا لحرارة الصيف اللافحة، ولا لهول البحار و هدير أمواجها العالية، ولا لجند السلطات الرومانية المنتشرة في غابات، و على حدود الإمبراطورية الرومانية الواسعة، التي كانت تكن العداء الشديد للديانة المسيحية التي ظهرت بغتة لتضاهي الوثنية و تبطل تأثيرها على الناس. 




إن بولس الطرسوسي هو المؤسس الفعلي للمسيحية الحالية ، فالدين المسيحي الحالي المعتمد في الكنائس اليوم بالأغلبية الساحقة، هو دين بولس أو بولص، و المسيحيون اليوم بجميع طوائفهم يتبعون بولس و يعتبرونه رسولا كأحسن الرسل المبلغين، و بهذا جلس على كرسي الرسولية بجدارة. تولى مهمة تبليغ الرسالة المسيحية بعد رفع النبي عيسى عليه السلام إلى ملكوت السماء فألف، وكتب أكثر من نصف العهد الجديد. يرجع إليه كذلك الإقدام على العبث بنصوص كتاب الإنجيل المقدس، من حذف و إضافة و تبديل، قصد تضليل المسيحيين عن دينهم و عن التعاليم، و الشرائع و الطقوس الصحيحة، التي وردت في الكتاب المقدس. صار المسيحيون في عالمنا اليوم يعتنقون هذا الدين المحرف و المشوه بطريقة مقبولة. في الحقيقة أن بولس غير أساليبه و طرقه في مناهضة العقيدة المسيحية و محاربتها، ليس بكيفية المواجهة التي تجعل منه خصما عنيدا و عدوا لدودا لها، بل بالظهور كرجل وديع و خادم لها، و مطيع لأوامر عيسى عليه السلام، في تنفيذ العهد الذي قطعه معه كما قال، و هو في طريقه إلى دمشق. 



و بهذا المكر و المخاتلة، شرع بولس في تقويض أركان المسيحية. يقول بولس: حدث لي و أنا ذاهب إلى دمشق لف حولي من السماء نور عظيم ، فسقطت على الأرض وسمعت صوتاً قائلاً لي : شاؤول شاؤول لماذا تضطهدني ؟ فأجبت: من أنت يا سيدي؟ فقال : أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده . والذين كانوا معي نظروا النور وارتعدوا ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني. 3 .





 رواية القديس لوقا: 


قصة إعتناق بولس النصرانية قائلاً : أما شاؤول فكان لم يزل ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب، فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق، إلى الجماعات حتى إذا وجد أناساً من الطريق رجالاً و نساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم ، وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق، وبغتة أبرق حوله نور من السماء ، فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له : شاؤول شاؤول لماذا تضطهدني ؟ فقال : من أنت يا سيد ؟ فقال الرب : أنا يسوع الذي تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس، فقال وهو مرتعد ومتحير : يا رب ماذا تريد أن أفعل؟ فقال الرب : قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل . وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً. 4




لقد أطلعنا التاريخ على الدوام و عبر الزمان، أن الكثير من الوثنيين و الملحدين و من ديانات أخرى، غيروا إعتقاداتهم و إعتنقوا ديانات أخرى و صاروا دعاة متحمسين و مناصرين لها. هذه هي القاعدة الطبيعية عند البشر، بعد التفكير و التبصر و الإهتمام و التمحيص و الإقتناع بالحقائق، و لكن بولس الرسول قد شذ عنها عمدا، فلم يلتزم بتعاليم المسيحية، و لم يسخر نفسه في خدمة الدعوة إليها على أصلها و حقيقتها، بل قام بتحريفها وتبديلها كما أراد، لا كما جاء به عيسى عليه السلام، و لا كما إجتهد الحواريون في تبليغها، و الذين يعتبرون المرجع الوحيد بعد النبي عيسى يسوع، لأنهم عاصروا نبيهم، و كانوا من أقرب الناس إليه، بل كانوا تلاميذه و أن بولس لم يكن على الإطلاق منهم و لا من أتباع المسيح الذي لم يشاهده و لم يسمع منه و لم يعاصره أبدا. لقد عرفت تعاليم المسيحية تغييرا جذريا بحيث تحولت من نصرانية عيسى الحقة، إلى مسيحية بولس المحرفة، و هي لا زالت بعد في عهدها الأول.



 يقول ديورنت :


إن المسيحية كانت آخر شيء عظيم ابتدعه العالم الوثني القديم ، وأن المسيحية لم تقض على الوثنية بل تبنتها. 5



يقول بولس في شأن إستلام عهد التبليغ، و التكليف بالرسالة من السيد المسيح: فقلت أنا من أنت يا سيد فقال أنا يسوع الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رأيت وبما سأظهر لك به. منقذا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم. 6. لقد أفصح بولس بكل وقاحة عن رفضه لتعاليم التوراة، التي جاء بها النبي موسى، و عن رغبته الشديدة في إقحام بعض التعديلات، التي مست جوهر التعاليم المقدسة لعيسى، كي تتماشى و أعراف و معتقدات الشعوب الرومانية و الإغريقية التي تشبع بثقافتها. كانت للرجل أبعاد شيطانية هدامة، و هي ضرب المسيحية في العمق، و تفجيرها من الداخل، بحيث أقصى بعض الأحكام من شريعة المسيح عيسى، و إبتدع بدلا لها مسيحية تجاري أهواءه و توائم أفكاره. ولكي ينتصر في مسعاه، أضفى الشرعية على أعماله التضليلية لعامة الناس مرارا، على أنه تلقى الوحي من المسيح مباشرة دون واسطة الحواريين، و أن المسيحية التي أعلنها عيسى و إعتنقها التلاميذ فيما بعد، ليست هي الجديرة بالإتباع، بل مسيحية بولس لأنها من وحي المسيح نفسه. 
لقد سعى سعيا حثيثا، في التبشير بتعاليم المسيح المشوهة، من خلال رسائله الكثيرة التي بعثها للهيئات الفكرية و عامة الناس. 





 يقول تولستوي في بولس: 



إن بولس لم يفهم تعاليم المسيح، و لم يره قط في حياته، و من ثمة لم يكن من الحواريين و بالتالي لم يتلق تعاليمه منه مباشرة، الأمر الذي جعله يطمس هذه التعاليم بتفسيراته التعسفية. إن الأقوال الواردة في كتب العهد القديم لا تدل على أن يسوع المسيح هو الله، و لا هو ابن الله. 7 . لقد أعلن تولستوي بكل صراحة و جرأة إنكار تأليه المسيح عليه السلام ، و أن العهد الجديد إعتراه التغير و التبديل. لقد إمتعض أتباع النبي عيسى في مدينة القدس، و إستهجنوا مساعيه التبشيرية التي كان يقوم بها خارج المنطقة و بعيدا عن مقر الدعوة. لأنها تنافي إنجيل المسيح تماما و تناقضه، فهي عقيدة خاصة ببني إسرائيل فقط لا إلى الغير. 





ــــــــــــــــــــ


 1 ـ إنجيل متى 19 ـ 6 
2 ـ رومية 4. 
3 ـ سفر أعمال الرسل 9. 
4 ـ سفر أعمال الرسل. 
5 ـ ديورنت. هو ويليام جيمس ديورنت. ولد سنة 1885 إلى 1981 ميلادية. فيلسوف، و مؤرخ. 
6 ـ أعمال الرسل 15 ـ 29 
7 ـ ليو تولستوي: روائي روسي كبير ولد 1828 ــ 1910 ميلادية. 




في إطار مهمة التبشير جاء هذا الرجل إلى القدس في حدود السنة 40 ميلادية قصد مقابلة الحواريين، فإلتقى القديس بطرس و الحواري يعقوب. ثم إتجه إلى بلاد الرومان ليباشر مهامه التبشيرية، فمر في طريقه على مدينة سوريا و كيليكية و أمد أهل غلاطية برسالة. 1 . لقد تمكن بولس بفضل صبره الطويل خلال عشرين سنة من تأسيس العديد من الكنائس الخاصة للعبادة في آسيا الصغرى و في أوروبا و كان ذلك من المداخيل التي جمعها من المساعدات و التبرعات و الهبات المالية التي تلقاها من الناس و من الهيئات التجارية. عاد بولس من روما إلى طرسوس بتركيا فأقام هذا الداعية المريب في أمره فيها برهة من الزمن، و أثناء هذه الإقامة عثر على برنابا تلميذ المسيح فرافقه إلى أنطاكية لتبليغ أهلها. بعد تنفيذ شطر هام من هذه المهمة جاء إلى القدس من جديد فأخذ برفقة الحواري مرقس. 2 




إن من خلال طوافه بمناطق الإمبراطورية الرومانية يدرك المرء مدى إصراره على مغالطة المسيحيين في دينيهم. لقد بدأ هذا الرجل حملات التبشير المضللة من أنطاكية. 3 . رافقه فيها برنابا هذه المرة بمعية مرقس و كلاهما من الحواريين. عبر بولس البحر مع رفاقه قاصدين قبرص و جنوب تركيا. كان بولس ورفاقه يتبعون أسلوباً الوعظ و النصح و الإرشاد، يتنقلون من مدينة إلى أخرى يبشرون الناس بالخلاص يسوع المسيح، في حلقات و تجمعات شعبية في الأسواق والساحات العامة و الأماكن التجارية العمومية، و عند المغادرة المكان، يتركون وراءهم قساوسة و رعاة الدعوة. كان بولس حريص على تعليم الوثنيين بما يشبه عقيدتهم فلا يناقض مشاعرهم أبدا. 4 . في المرة الثانية أراد برنابا إصطحاب رفيقه مرقس معهم ولكن بولس رفض هذا الإقتراح فوقعت مشاحنة و شجار عنيف فيما بينهم إنفضوا على إثره، ومضى كل واحد في طريقه.




 رام بولس النجاح في مهمته، فكان هدفه الرئيسي من تلك الرحلة هو تفقد الجماعات المسيحية التي أقامها في جنوب الأناضول خلال رحلته التبشيرية الأولى ليطلع على أحوالها عن كثب و ثباتهم على العقيدة. تابع طريقه دون كلل إلى الدردنيل ثم إلى اليونان. وفي تلك البلاد أسس بولس كنائس جديدة في كل مدينة حتى في أثينا. وخلال إقامته الطويلة في هذا البلد قام بكتابة رسائله إلى من طاف عليهم سابقا. إن بعض الباحثين يركزون على أن بولس في الحقيقة كتب رسائله العديدة في مدينة إنطاكيا أو أفسس. عاد بولس إلى فلسطين ليعود إلى إنطاكيا و أفسس في مهمة التبليغ دائما. إن المدة الزمنية التي أنفقها بولس في مهمته التبشيرية في مدينة أفسس و التي قدرت بعامين كانت أطول مدة عكف فيها على كتابة جل رسائله. من مدينة أفسس عاد إلى القدس و هي الزيارة الأخيرة في حياته بحيث قبض عليه ما بين سنة 57 إلى 59 ميلادية. 5 . تم ذلك من قبل يهود القدس، و يومها إدعى أنه مواطن روماني يحاكم بمقتضى القانون الروماني، و هذا بغية التملص من قبضتهم و النجاة من الموت الحقيقي. 




كان اليهود أتباع عيسى عليه السلام أشد الناس غضبا و تذمرا منه لمعرفتهم الدقيقة بمحاولاته الدنيئة و نواياه المبيتة لهذا الدين خاصة بعد عزل كل الحواريين عنه. برغم من ذلك تمكن من اللجوء إلى روما و الإبتعاد عن بلاد كنعان برمتها، كي يجد في الإمبراطورية الرومان العوامل المناسبة و الظروف المواتية لتثبيت تعاليمه المصطنعة في مجتمع يمجد الوثنية و الثقافة الوثنية، و يمقت اليهود و يجهل أمر دينهم الصحيح. إستطاع بولس في بيئة وثنية تتعدد فيها الآلهة من تأسيس أهم مبادئ عقيدته التي كيفها و حورها حسب معتقداتهم المختلفة، و فعلا إستجاب الناس له، و إعتنقوا هذه العقيدة الجديدة التي إستوعبت عقائدهم و أفكارهم و ثقافاتهم المتنوعة. وھكذا أدخل هذا الرجل المفتري الكثير من تعاليم الوثنية التعددية، في كتاب المسيحية الموحدة، و فهم المجتمع في الإمبراطورية أن عيسى عليه السلام ما هو إلا إله من ضمن آلهة الديانة اليونانية و الرومانية.




 إن الوعد الذي قطعه عيسى عليه السلام مع بولس، على أنه سيتولى رعايته و حمايته من اليهود و الأمم ، كي يتفرغ لإنجاز المهمة التي أوكلت له، قد تبين في الأخير و ظهر للجميع أنها أكاذيب من رجل نذل متهور. لقد قضى هذا المفتري آخر أيامه في سجون روما، و صدر في حقه حكم بالإعدام سنة 67 ـ 69 ميلادية. و الكثير يقول أنه وجد مقتولا في شوارع روما. من أهم الإضافات و البدع التي إختلقها بولس و رتبها ضمن النصوص الشرعية لتعاليم عيسى. 



أولا: العقيدة المسيحية هي دين عالمي ليس خاصا ببني إسرائيل. هذا الكلام يناقض ما جاء به يوسع المسيح من إنه مرسل لخراف بني إسرائيل الضالة فقط أي ملة اليهود. 



ثانيا: بدعة الفداء و التكفير عن خطيئة البشر برمتهم، فالناس لا يحاسبون حسبه، على أعمالهم في الدنيا، فلقد تم فداؤهم جميعا بصلب عيسى المسيح. 



ثالثا: قيام عيسى من الأموات و صعوده و جلوسه عن يمين الرب



رابعا: إن شريعة التوراة أضحت منسوخة، هي لعنة تخلصنا منها إلى الأبد. كما حرم الختان على أتباعه. و أحل لهم أكل لحم الخنزير. 




ــــــــــــــــــــــــــــــــ


 1 ـ أعمال الرسل: 1 18 ـ 21. 
2 ـ أعمال الرسل: 12 ـ 25.
 3 ـ أعمال الرسل: 13 ـ 14 27 
4 ـ أعمال الرسل: 14 ـ 27.
 5 ـ أعمال الرسل: 15 ـ 36 إلى 18 ـ 22. 






و رغم ما فعله بولس من أعمال تضليلية في ثاني عقيدة سماوية، إلا أنه في واقع الأمر لم يكن جادا في التصريح في رسائله عن طبيعة المسيح و لم يتفلسف في كنهها، هل هو إله أو ابن إله، و لم يتعرض البتة للثالوث المقدس، أو الأقانيم الثلاثة Trinité . لكن التعديلات التي أدخلھا بحنكة في المسيحية، كونت لدى مجتمع وثني رؤية إعتقادية بأن المسيح هو إله و أن مريم البتول هي أم إله. انتشرت المسيحية المحرفة بسرعة في أوروبا إنطلاقا من اليونان ثم عمت سائر أجزاءها و صارت الديانة الرسمية فيها بمباركة الإمبراطور الروماني فيما بعد. 






رسائل بولس الطرسوسىي اليهودي Paul de Tarse 



وھى أربعة عشر رسالة . الرسائل الجامعة وھى سبع رسائل. و أخيرا سفر الرؤيا . جاء في رسالة بولس الأولى إلى أهل مدينة كورنثوس اليونانية: فمن جهة أكل ما ذبح للأوثان نعلم أن ليس وثن في العالم و أن ليس إله آخر إلا واحدا. لأنه و إن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض، كما يوجد آلهة كثيرة و أرباب كثيرون. لكن لنا إله واحدا: الأب الذي منه جميع الأشياء و نحن به. و رب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء و نحن به 1. و جاء في رسالة بولس إلى أهل أفسس التركية: ربّ واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة. إله و أب واحد للكل، الذي على الكل و بالكل و في كلكم.2. و جاء أيضا في رسالة بولس القديس، إلى أهل مدينة أفسس التركية. يقول: مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح لا أزال شاكرا لجلكم ذاكرا إياكم في صلواتي. كي يعطيكم إلهُ ربّنا يسوعَ المسيحِ، أبو المجد، روح الحكمة و الإعلان في معرفته3. 




ـــــــــــــــــــــــــ 

1 ـ الرسالة الأولى. الإصحاح الثامن 4 ـ 6 2 
ـ الرسالة الثانية 4 ـ 6 3 
ـ الرسالة الثالثة 1 ـ 3 و 16 ـ 17 




هذه هي تعاليم بولس و تفسيراته الجديدة في شأن طبيعة المسيح، و دين المسيح. لقد إستحدث مفاهيم غريبة في دراسة شخصية المسيح و طبيعته، و غير أيضا الكثير من أحكام الإنجيل الشرعية و إستبدلها بما تهوى نفسه و نزواتها الشهوانية في تفرقة المسيحيين و إبعادهم عن دينها الصحيح. لقد أوقع المسيحيين في الشرك الفظيع، الشرك الذي صار مقدسا عندهم يدرس في الكنائس، و في مختلف الهيئات الدينية، حتى في أشهر الجامعات في أنطاكيا و إسكندرية و روما، و صار أمهر الفلاسفة و علماء اللاهوت يولون جل إهتمامهم بتدريس بما يسمى علم اللاهوت. أي الشرك الذي عاد عندهم معتقدا مقدسا. بالإضافة إلى ذلك سنبين لاحقا إستمرار التأكيد على مفهوم الثالوث لدى علماء اللاهوت، و بعض الأناجيل منها إنجيل يوحنا. و الجامعات المشهورة التي لم تدخر جهدا في الترويج لهذا العلم الغريب للبشرية قاطبة. هذا العمل الجبار، تطور بعد إنقضاء فترة بولس الطرسوسي. 



دور بولس الطرطوسي في المسيحية
أستاَََد أفغول عبد القادلر

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent