recent
أخبار ساخنة

الإحتلال اليوناني و الروماني لكيان بني إسرائيل

أستاَََد أفغول عبد القادلر
الصفحة الرئيسية



الإحتلال اليوناني و الروماني لكيان بني إسرائيل
 الإحتلال اليوناني و الروماني لكيان بني إسرائيل 




 حكم إسكندر المقدوني Alexandre le Macédonien


 دخلإسكندر المقدوني Alexander of Macedon"إلى فلسطين 323قبل الميلاد، و احتل القدس مباشرة، و ذلك بعد القضاء على "الدولة الفارسية"، و الاستولى على الأراضي المصرية و السورية معا. لقد أيد اليهود الأثرياء هذا الاحتلال لبلادهم و رحبوا به ، و فضلوا العيش مع "اليونانيين"، بل تأثروا بحضارتهم الهيلينية  Héllenique و تم التزاوج بين الفكر اليهودي و اليوناني في ميدان الثقافة و الدين و الفلسفة، و هاجر بعض المفكرين اليهود إلى الإسكندرية لدراسة الفلسفة الهيلينية.


 و بالتالي تخلى الكثير من اليهود أصحاب الثراء عن دينهم، و اعتنقوا "العقيدة الوثنية"، تركوا عادة الختان Sirconcision ، و اقبلوا بشراهة على أكل لحم الخنزير.  بعد وفاة الاسكندر المقدوني سنة 323قبل الميلاد. تعرضت فلسطين إلى الاحتلال المصري و السوري معا في ظل الحكم اليوناني، فتوالى على حكمها، و تسيير شؤونها السياسية و الإدارية، البطالسة المصريين Ptolemy 285ـ 200 قبل الميلاد، واتخذوا من مدينة أسكندريا عاصمة لهم ، كما اختار السلوقيون السوريين Seluecus 200ـ 167 قبل الميلاد، مدينة" إنطاكيا "عاصمة لمقاطعتهم. 


و ظل بنو إسرائيل أقلية في أراضي كنعان يساسون من قبل غيرهم، إلا أن هذه الأقلية استعادت شيئا من الاستقلال السياسي من السلوقيين، حلفاء اسكندر المقدوني Alexander of Macedon، و ذلك بعد قيامهم بثورة داخل فلسطين، عرفت في تاريخهم بثورة المكابين نسبة إلى قائدها يهوذا المكابي. كانت العوامل المباشرة في قيام هذه الثورة، هو السعي إلى دمج فلسطين في الإمبراطورية اليونانية بواسطة قرارات اتخذ أنطونيوس السلوقي الرابع في حقهم.


 تكونت هذه الثورة من فقراء اليهود وفلاحيهم في الشريط الساحلي و جنوب القدس، ثم امتدت بعد ذلك إلى شرق الأردن والجليل، قادها ماتاثياس كاهن اليهود مع أبنائه سنة 168 قبل الميلاد. و انتصروا فيها على أتباع الدولة اليونانية فحرروا القدس و الهيكل الذي يحتفل فيه اليهود بعيدهم الحانوكة لمدة ثمانية أيام، توقد فيه الشموع. لقد مكنهم هذا الظفر من إقامة أركان دولة جديدة امتد، حكمها من 160 ـ 60 قبل الميلاد. إلا أن سنة الله لا تتبدل في خلقه، و أن صيرورة التاريخ لم تتوقف، هذا هو منطق التاريخ الذي لم تشذ عنه هذه الدولة ولا هذا الشعب. لقد دب فيها الخلاف بين الإخوة على الملك. ففقدت هيبتها و استقلالها و صارت من جديد عرضة لأطماع الرومان الاستعمارية التوسعية ثم سقطت نهائيا في قبضته. 



 الاحتلال الروماني لفلسطين



أدى ضعف السلوقيين في سوريا منذ القرن الثاني قبل الميلاد إلى تدخل الرومان في شؤون فلسطين التي كانت تابعة لها، ويعود هذا التدخل نتيجة الصراع على الحكم من قبل أفراد الأسرة السلوقية المالكة من جهة، و مواجهة الغزو الخارجي على الحدود، و الاضطرابات داخل المجتمع من جهة أخرى.


 وفي النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد بعث" بومبي" وكيله ماركوس سكاوروس Scaurus Marcus إلى سوريا سنة 65 قبل الميلاد. وفي تلك الأثناء كان الصراع محتدما بين أبناء الأسرة" الحشمونية" المالكة في فلسطين، فكانت فرصة لبومبي لاحتلالها عام 63 قبل الميلاد، وإنهاء حكم المملكة الحشمونية بها . 


و تمّ تدمير مدينة القدس وتخريبها نهائيا على إثر حصار فرضه عليها. وبعد ذلك عين على سوريا و فلسطين قنصل عام من قبل الإمبراطورية الرومانية يدير شؤونهما السياسية. قسمت فلسطين يومذاك إلى خمس مقاطعات إدارية يتولى أمر تسييرها هذا القنصل. و كان هذا بداية الاحتلال الروماني لفلسطين.




لقد اتخذ "يوليوس قيصر Jules César"إمبراطور روما بعض الإجراءات الإدارية ،لتنظيم الإقليم الفلسطيني وفق ما تقتضيه السياسة في بلاده فقد عين انتيباتر Antipater ،حاكماً إدارياً على الولاية الفلسطينية مستعينا بأمراء من الأسرة الحشمونية اليهوديّة الموالين له.

 إلا أن تدابير قيصر الإدارية هذه لم تعمر طويلاً، فقد اغتيل في سنة 44قبل الميلاد، بينما قتل أنتيباتر على يد منافسيه عام 43قبل الميلاد.
 هذه الظروف السياسية المضطربة التي عاشتها الإمبراطورية الرومانية و الفوضى العارمة التي سادت المجتمع في روما بعد اغتيال قيصر، ساعدت المملكة الفارسية على اجتياح سوريا و فلسطين معا، ما بين القرن 40ـ 37 ميلادية إذ رحبت الأُسرة الحشمونية اليهودية بالمحتل الجديد و هو الفرس . 



 أعلن مجلس شيوخ روما، "الملك هيرودس "ملكا على فلسطين سنة 37قبل الميلاد. يحكم باسم روما، فأصبحت فلسطين بذلك تخضع لحكم ذاتي إلى غاية وفاته سنة 4 قبل الميلاد. عمل هيرودس في الفترة التي حكم فيها فلسطين على تطوير اقتصادها و نشر الثقافة اليونانية الهيلينية فيها. و كان هذا الرجل ممقوتا من قبل اليهود، و يعتبرونه أجنبيا عنهم،لأنه كان أشد تمسكا بالتقاليد الرومانية و ثقافتها و يراها أسما من غيرها، كما كان يزدري اليهود و طقوسهم الدينية وأعرافهم وثقافتهم. 



في آخر مرحلة حكم "هيرودس " لفلسطين، شهدت المدينة بيت لحم ميلاد  سيدنا عيسى عليه السلام، و كان هذا الملك قد أمر بقتل كل ولد يولد في بيت لحم من اليهود. فكان على السيدة البتول مريم العذراء أن تنقذ ابنها و تغادر المنطقة على الفور، فهربت برفقة يوسف النجار إلى مصر، خشية أن يفتك بابنها ذلك الملك الروماني. لقد عاش هيرودس في الحكم أربعين سنة تقريبا. 



  مدينة القدس في القرن الأوّل الميلادي تشهد  حوادث هامّة منها



 عودة المسيح عيسى عليه السلام إلى القدس، و عمره اثنتي عشرة عاما و أعدم و صلب في القدس حسب التوراة، أيام حكم " بيلاطس البنطي Pontius Pilate  " الحاكم الروماني لفلسطين. 



كثرة الثورات و الفتن التي أوقد شعلتها اليهود بصورة دائمة على الحكم الروماني، مما اضطر الإمبراطور الروماني "فسبسيانوس ،Vespasianus"  آنذاك إلى إرسال ابنه " تيتس ،Titus "القائد العسكري الروماني، على رأس جيش كبير إلى بلاد الشّام قصد تحرير مدينة القدس، فدخل المدينة سنة 70ميلادية بعد أن دمرها عن آخرها، و حرق الهيكل، و شيد على أنقاضه معبدا للإله جوبيتر، Jupiter ، و أسر الكثير من اليهود، و شرد الباقي في بقاع كثيرة، مثل العراق و مصر و تونس و الجزيرة العربية، و كان منهم في الحجاز عدة بطون من بني إسرائيل، و هي بنو قينقاع و بنو قريظة وبنو النظير و بنو مصطلق و كان منهم في اليمن.



 حدوث تغيير كبير على الحدود الفلسطينية في الجهة الجنوبية و الشرقية، حيث تم القضاء على "مملكة الأنباط "على يد "الإمبراطور الرّوماني تراجان Trajan" سنة 106 ميلادية، فلما تحقق له ذلك قام بمد طريق يربط العقبة ببصرى، أطلق عليها اسم فيا نوفا ،Via Nova  أي الطريق الجديد. 

و طريق آخر يربط القدس بالمدن الفلسطينية الأخرى. و أهم انجاز حققه تراجان هو تأسيس المقاطعة العربية Provincia Arabia وعاصمتها البتراء ثم بصرى الّتي أصبحت بدورها قاعدة عسكريّة للفرقة الرومانيّة الثّالثة البرقاوية Third Legion Cyrenaica التي جاءت من ليبيا.



بعد تدمير القدس سنة 70ميلادية. لم تتوفر معلومات كافية إلى غاية القرن الرابع الميلادي حيث قامت الفرقة العسكرية العاشرة بتأسيس قاعدة للجيش على أتقاض القدس المخربة. و قبل ذلك في القرن الثالث الميلادي، انسحب الجيش الروماني من الجهة الجنوبية الغربية من القدس و سارت نحو العقبة، التي كانت على الحدود الجنوبية للمقاطعة العربية التي ذكرناها بغية حماية الحدود من غزوات البدو في بادية الشام. 




 تم تأسيس في هذه الفترة قاعدة عسكريّة أخرى للفرقة الرومانيّة السّادسة بالقرب من تل المتسلم أي مجدو. زار "الإمبراطور هدريان" فلسطين عام 130ميلادية ، وقرر بناء مستعمرة رومانيّة في القدس أطلق عليها اسم مستعمر رومانية ،Colonia Aelia Capitolinaو كان ذلك عام 136ميلادية على أنقاض المدينة التي دمرت في عام 70ميلادية، كما ذكرنا .

 واتخذ إجراءات صارمة ضد اليهود، فقد منعهم من الإقامة في مدينة القدس، وحتى من زيارتها، و أعلن على تحريم الشريعة اليهودية و الختان، و الاحتفال بالأعياد الدينية، و فرض عليهم ضريبة شخصية، و دمر الكثير من المدن و القرى الفلسطينية، و أباد أهلها وأسس مقاطعة فلسطينية سورية. ونتيجة لسياسة هدريان، فقد تضاءل عدد سكانها من اليهود بسبب سفك دماء الكثير منهم، وتهجيرهم ومنعهم من دخولها كما قام بالمتاجرة بهم و بيعهم في سوق النخاسة كعبيد أذلاء.

 لذلك بقيت المدن خالية منهم، و خشية ضياع موروثهم الديني شرع القلة من الحاخامات في كتابة تلمود البابلي و الفلسطيني. و غدت بعض مدن فلسطين أرضا للغرباء القادمين من أنحاء شتى من الإمبراطورية الرومانية حاملين معهم المعتقدات الوثنية و عاداتهم و تقاليدهم. و تم تفريغ المنطقة تقريبا من اليهود.



في العصر الروماني المتأخر 250- 324 ميلادية. عرفت المنطقة ازدهارا ملحوظا حيث فشي فيها السلام و الأمن. و قامت بها نهضة عمرانية خاصة في إعادة إنشاء المدن الفلسطينية الرومانية، و إمداد الطرق الجديدة لربطها ببعضها، و فتح قنوات المياه.



 "قام "الإمبراطور سبتيموس سبفيروس Septimius Severus"،  بزيارة مدينة القدس ونوه بأهمية موقعها فأثمرت هذه الجولة الاستطلاعية على إصدار قوانين صارمة ،يمنع بمقتضاها عن اليهود دخول القدس أو الإقامة بها على غرار ما فعله هدريان، كما صك النقود الرومانية الخاصة بالمنطقة. و منذ ذلك الوقت تشتت اليهود في جميع أنحاء المعمورة. 



  وفي عام 212ميلادية أصدر كاراكالا Caracalla، مرسوماً ملكيا يقضي بمنح الجنسية أي المواطنة الرومانية لجميع السكان الأحرار الخاضعين للحكم الروماني. وعرف هذا المرسوم باسم كونستيتوتيو انطونينيانا Constitutio Antoniniana، وبموجبه اكتسب سكان فلسطين الجنسية الرومانية. الغاية من هذا الإجراء تمويل خزينة الدولة بأموال الضرائب.


 و الزيادة في عدد الجيش الروماني من مكتسبي المواطنة. بعد أن كانت الخدمة العسكرية في السابق مقتصرة على المواطنين الرومان فقط. ولم تتأثر فلسطين كثيراً بسبب الفوضى التي عمت الإمبراطورية في القرن الثالث الميلادي كما ذكرنا سالفا. في هذه الأثناء بالذات اضطربت الأوضاع اضطرابا لا حد له في الإمبراطورية الرومانية على المستوى العسكري، و السياسي، فكانت تتعرض لهجمات شرسة من قبل القبائل الجرمانية و السلافية في الغرب الأوروبي، و من طرف الدولة الساسانية التي خلفت الدوّلة الفارسية في الشرق، سنة 226ميلادية.



 أمّا على المستوى الداخلي كان الجيش منهمكا في أمور سياسية، لا يبالي بما يحدث خارج حدود الإمبراطورية من هجمات عسكرية، و ثورات شعبية رافضة للاحتلال الروماني لها، كثورة مملكة تدمر العربية. فالاهتمام الذي شغل الجيش كله، كان منصبا حول السلطة و من سيتحكم في مقاليدها، فالجيش هو الذي ينصب أو يخلع من سيكون إمبراطورا للرومان.


 كان هذا سببا في زوال هذه الإمبراطورية. أما وضعية اليهود في أوروبا بعد انهيار الرومان و ظهور بما يسمى بالعصور الوسطى، فإن وضعيتهم لا يحسد عليها أبدا، فبعد سقوط مدينة القدس إبان الحروب الصليبية، في يد الصليبيين المتعصبين،صار مصيرهم و مصير أبنائهم مجهولا إلى غاية العصور الحديثة.





بنو إسرائيل أثناء فترة العصور الوسطى.


1492-476 ميلادية لقد كانت الحملة الصليبية الأولى، بداية مأساة الشعب اليهودي برمته في أوروبا. فقبل ذلك لم تكن إلا أحداث شغب، و أعمال عنف محدودة ضده في الزمان و المكان. لكن بعد هذه الأحداث المتفرقة، تبلورت فيما بعد لدى المتعصبين الأوروبيين القناعة بالانتقام، و تطورت هذه القناعة حتى صارت انشغال و هموم الأوروبيين في حياتهم اليومية. 


لم يبق بنسبة إليهم سوى الشروع في الانتقام من اليهود في الحال و على الفور، قتلة المسيح الرب. إن الاعتقاد السائد لدى نصارى أوروبا آنذاك، هو إذا كنا نحارب أعداء الرب فلماذا لا نبدأ باستئصال أعدائه الذين يعيشون من بيننا. أي اليهود القاطنون في أوروبا. تجلى هذا الحقد المقيت و الكراهية البغيضة المفرطة، ابتداء من سنة 1096 ميلادية، بشكل واضح لا يدعو إلى الريب.


 فلقد أقدمت مجموعة من الفرسان المتعصبين باقتحام بعض أحياء اليهود أو بالجيتوهات Guetto، في المدن الفرنسية و الألمانية، و تجرأت على استباحة دماء اليهود العزل، مدعين بذلك أنهم ينتقمون من قتلة يسوع الرب. إنه لعمل فظيع ساعدهم عليه سكان تلك المناطق، طامعين في المتاع السائب،و الثروة الهائلة. قدر ما يقارب من لقي حتفه في تلك الآونة، من اليهود ألف أو يزيد، في مدينة واحدة من مدن ألمانيا.


 و فضل الآخرون الانتحار بشتى الوسائل، و الإقبال على قتل أولادهم كي لا يلاقوا مصيرا مجهولا، قد يقودهم حتما إلى الاغتصاب، أو الموت البطيء تحت التعذيب على يد هؤلاء النصارى. قال شاهد عيان من معاصري هذه الأحداث: لقد هب النصارى بروح انتقامية، و وحشية هستيرية قاسية، ضد الشعب اليهودي المرعوب، الذي تشتت أفراده حيارى مشدوهين و مذهولين في فوضى عارمة، يحاولون الهرب و النجاة من تلك المدن الجهنمية.


 لقد صب المتعصبون جم غضبهم على هذه الجماعات، بذبحهم بكل برودة دم و بلا رحمة و لا شفقة . و لست أدري ما الذي دفعهم إلى ذلك، هل هو حكم الرب، أم خلل في العقل. كان هؤلاء النصارى يؤكدون لبعضهم البعض بكل تبجح و عنجهية، أن إقدامنا على هذا الفعل، هو الانتقام الشرعي السديد لأعداء المسيحية.


 عندما علم يهود مدينة مينتز الألمانية بإبادة إخوانهم اليهود في مدن أوروبية أخرى، لجؤوا إلى الأسقف Rothard للاحتماء به، فأدخلهم إلى منزله الواسع، لكن المتعصبين هتكوا حرمة المنزل و دخلوا بقوة، فهاجموا اليهود بالسهام و النبال و الرماح، و تم في تلك اللحظة سقوط سبعمائة يهوديا بوحشية فاقت كل التصور. 




لم ينجوا من هذه المجزرة لا الأطفال و لا النساء، و لا الكبار. لم يكن هذا الانتقام اللانساني نهاية المطاف، بل كان البداية فقط، بداية عمليات إبادة و تصفية هذا الجنس من أراضي أوروبا. لقد شارك في هذه المجزرة الشنيعة إلى جانب نصارى أوروبا المتعصبين، ملوك أوروبا و رجال الكنيسة. كان الملوك و سادة الإقطاع في هذه القارة، ينظرون إلى اليهود على أنهم مصدر رزق، و مورد مالي لا ينضب، يجب الاستحواذ عليه غصبا و كرها بشتى الوسائل و الأشكال، منها الضرائب.


 في جل الأحيان قام الملوك بطرد اليهود بصفة تعسفية من أراضيهم، و مصادرة أملاكهم دون الاكتراث بمصيرهم. حدث ذلك في فرنسا و انجلترا ما بين 1290 ـ 1306 ميلادية. أما في الجنوب الإيطالي فقد اختفى عدد هائل من اليهود، كان ذلك ما بين 1290 ـ 1293 ميلادية بسبب الإبادة و الطرد التعسفي، و لقد جاء هذا ردا على عدم الامتثال لأمر اعتناق المسيحية قسرا. 


لم تشذ ألمانيا و لا سائر المدن الأوروبية خاصة أوروبا الوسطى عن هذا المسار في القتل و الطرد. في انجلترا قامت السلطة بعملية التهجير الإلزامي، و النفي الجماعي، في حقهم. أما المملكة الإسبانية، فلقد أصدر ملكها فرديناند سنة 1493 ميلادية، قرارا بالتنكيل بهم أو حرقهم، بدعوى الهرطقة و الردة أو المروق عن الدين المسيحي.


 و أنشأت لهذا الغرض محاكم التفتيش المشهورة بأعمالها الوحشية و الإجرامية ضد الإنسانية في تاريخ الغرب Les inquisition،استمر هذا التنكيل، و زاد الاضطهاد في حق الشعب اليهودي، و تصاعدت وتيرة مصادرة أراضيه و ممتلكاته التي تواجدت في مناطق استقراره الممتدة من البحر الأحمر، إلى بحر البلطيق. حدث ذلك في سنة 1881ميلادية . في روسيا أجبرت الحكومة، اليهود العيش في مناطق محددة لا يسمح بالخروج منها أبدا. و فرضت على أبنائهم الخدمة العسكرية، مدة خمس و عشرين سنة كاملة.




 بعد فترة من الزمان ما بين 1348 ـ 1349 ميلادية، ابتليت أوروبا بالطاعون، نتيجة انتقال جرثومة الوباء من موانئ البحر الأسود إلى ميناء صقلية في أوروبا سنة 1347 ميلادية، فكانت هذه ذريعة معقولة لاتهام اليهود بأنهم هم الذين كانوا سببا في تفشي هذا الوباء عن طريق تسميم آبار المياه، فاحرقوا الآلاف منهم أحياءً في بازل وفرايبورج وستراسبورج ومينتز وغيرها من المدن الأوربية. 


و من العوامل التي أدت إلى تفاقم حالة اليهود في هذه القارة، هي إصرارهم على رفض اعتناق المسيحية قهرا. إنه السبب المباشر في مآسيهم و شقائهم و تشردهم من قبل النصارى أثناء فترة العصور الوسطى هذه. 

 يقول بول جونسون: اضطهد اليهود في القرون الوسطي و أهينوا على يد المسيحيين لأسباب دينية في المحل الأول، أما في القرن التاسع عشر فقد زادت الاعتبارات القومية العرقية من حدة ذلك التحيز الديني . أن المسيحي المعادي للسامية يعتقد أن اليهود إذا اعتنقوا المسيحية سوف يتخلصوا من اللعنة اللصيقة بدينهم، أما المعادي للسامية العرقي فهو يستخدم لغة النظرية الداروينية الاجتماعية ويعتقد أن اليهود ينتمون إلى نوع مختلف من الجنس البشري، وأنهم ملطخون إلى الأبد بتكوينهم البيولوجي، وأن شرهم وضعفهم ناشئان من خصائصهم العرقية الموروثة والتي لا تزول حتى لو انسلخوا عن دينهم.1.



إن الكنيسة المسيحية واظبت بكل عزيمة و صبر، على إزكاء نيران الحقد، و الضغينة بين المواطنين الأوروبيين و اليهود، فأكدت أن المسيح الرب سيعود، و أن جريمة قتله و صلبه هي جريمة نكراء، و أن مسؤوليتها ستظل ملقاة على عاتق كل يهودي إلى الأبد، و يجب الآن القصاص منه أينما كان. 


و زيادة على ذلك أن علماء الكنيسة من جهتهم أجمعوا على أن اليهود أقنان Serfs، يجب إخضاعهم لخدمة أسيادهم المسيحيين، بمصادرة أملاكهم و ابتزاز أموالهم. و اختلق هؤلاء علماء اللاهوت، قصة تدعم إيديولوجيتهم العنصرية في ذلك الوقت، فقالوا أن سفك دم المسيح جعل اليهود في حالة ظمأ دائم لدماء أطفال النصارى، لأن هذا الفعل يساعدهم على تأدية طقوسهم دينية. لقد ظهرت مواقف الكنيسة واضحة في انحيازها التام للنصارى، أمام هذه المآسي و الإبادة الجماعية، فبدلا من حماية أرواح البشر من الموت، و نشر قيم التسامح الديني.

 

راحت تجتهد في دعمهم و تشجيعهم على اقتراف المزيد من الجرائم، بغية تسهيل تسليط العقاب على قتلة المسيح الرب حسبهم. إنها قادت حملة دعائية تحريضية شعواء على اليهود، قصد تشويه صورتهم، و التشكيك في آدميتهم من خلال الكثير من التعليمات التي كانت تصدرها مجامع الكنيسة. منها:


  •  يحرم على اليهود تقلد المناصب الرسمية. 
  •  تخلى الشوارع من اليهود أثناء الاحتفالات الدينية و المناسبات المسيحية
  •  توضع علامات تميزهم عن غيرهم. إلى جانب هذا هناك الكثير من هذه الإجراءات التي سنت من أجل إذلالهم و إهانتهم و العبث بكرامتهم و إهدار طاقاتم . إن الكنيسة و أتباعها من علماء اللاهوت، كرسوا جهودهم الفكرية و أعمالهم في سبيل ترسيخ في عقول الناس، فكرة ذلك اليهودي البائس الحقير الشرير المنحط الضال، يجب أن يكون دوننا و منبوذا من مجتمعنا. ظلت هذه الأفكار المسمومة إلى غاية العصر الحديث.

 ففي سنة 1895 ميلادية، قال أحد النواب الألمان العنصريين ما يلي: إذا لم يقترف اليهودي شرا حتى الآن، سيقوم به إذا توفرت له الظروف، لأن صفته العرقية تدفعه إلى ذلك. إن اليهود يحيونا حياة الطفيليات إنهم جراثيم قاتلة و مميتة.


هذه هي صورة اليهودي التي سعت الكنيسة الكثوليكية إلى رسمها في عقول الناس، بمساعدة علماء اللاهوت و السياسيين في بلاط ملوك أوروبا، و غرسها في ذاكرة المجتمعات الأوروبية، كي تكون التضحية بهم يسيرة و إبادتهم سهلة إذا ما شاركت شعوب الغرب معهم. 




















 الإحتلال اليوناني و الروماني لكيان بني إسرائيل
أستاَََد أفغول عبد القادلر

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent