recent
أخبار ساخنة

الديانة اليهودية في العصر المسيحي و العصر الإسلامي

أستاَََد أفغول عبد القادلر
الصفحة الرئيسية





الديانة اليهودية في العصر المسيحي و في العصر الإسلامي.
الديانة اليهودية 






الديانة اليهودية في العصر المسيحي.



اتسمت العلاقة اليهودية بالمسيحية بالتوتر الظاهر و العداء الخفي المقيت، رغم أن كتاب المسيحيين المقدس هو في الأصل كتاب من مصادر الديانة اليهودية، المتمثل في العهد الجديد. و رغم أن النبي عيسى عليه السلام هو نبي من أنبياء بني إسرائيل. و رغم أن الديانة المسيحية اعترفت بالعقيدة اليهودية. رغم كل هذه العوامل التي تؤدي في حقيقة الأمر، كما يبدو إلى الوفاق. 


 جاءت على عكس ذلك. تم الانفصال النهائي بين الديانتين. و كان الخلاف الذي أدى إلى هذا الطلاق، هو خلاف عقائدي حول شخصية المسيح عيسى عليه السلام. لم يعترف اليهود أن شخص سيدنا عيسى هو النبي المخلص في كتابهم المقدس. و ظلت الديانة اليهودية تعاني من الجمود و الإنغلاق و التقوقع والتعصب. و ظل يتحكم و يسيطر عليها النظام الكهنوتي، وعلى الحياة الدينية لليهود بصفة كاملة، وانحرف اليهود عندئذ إلى الاهتمام بالماديات على حساب الحياة الأخروية. و ظل الفكر النقدي لدى الفلاسفة الأحرار، يلاحق العقيدة اليهودية، فرغم مبادراتهم التصحيحية، فلم يستفد المجتمع اليهودي منه إلا النزر القليل.





 الديانة اليهودية في العصر الإسلامي.



كانت العلاقة اليهودية الإسلامية مقبولة على العموم، و أن ما حدث في المدينة المنورة أيام محمد رسول الله من معارك و غزوات بين المسلمين و اليهود، لم يكن عقائديا بل كان في الأساس صراعا سياسيا على إثر نقض اليهود للعهود و المواثيق التي ابرموها مع الرسول. ولما استتب الأمر للمسلمين، و استقر الوضع و عادت الحياة الاجتماعية إلى شكلها الطبيعي. أشاع الرسول قيم التسامح بين الأديان. 


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم دفاعا عن أهل الذمة: من أذى ذميا فأنا خصمه، و من كنت خصمه، خصمته يوم القيامة.

 و يقول كذلك : ألا من ظلم معاهدا أو أنقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا خصمه يوم القيامة. 5


كما نلاحظ أن الرسول أولى لهم الحماية على أساس أنهم رعية من ضمن الأمة الإسلامية، فلم يجبر أحدا على اعتناق الإسلام كرها، بل منح لهم حرية التدين و الاعتقاد، و اعتبر اليهود و المسيحيين في ظل تسامح الإسلام، أهل ذمة يمارسون أنشطتهم الاقتصادية، و يؤدون شعائرهم الدينية بكل حرية تحت كنف الدولة الإسلامية الفتية، التي سهرت على حمايتهم، مقابل أداء الجزية. و فتحت لهم الأبواب على مصارعها للمشاركة في الحياة الثقافية.


 استفاد اليهود من النقد الإسلامي للديانة اليهودية الكثير، بحيث ظهرت فرق دينية و فلاسفة، مثل سعديا الفيومي و موسى بن ميمون في إصلاح العقيدة اليهودية، وفق النقد القرآني، و نقد الفلاسفة المسلمين. كان ذلك في القرن العاشر و الثاني عشر الميلادي.


خاتمة الموضوع.



ـ بعد الخوض في تاريخ بني إسرائيل، يجب أن ننبه شبابنا إلى ضرورة إدراك شيء هام جدا، أن اليهود على مدى تاريخ صراعهم الديني و السياسي مع المسلمين، وعبر أجيالهم المتعاقبة، لا زالوا يزعمون إلى اليوم، ويصرون إصرارا منقطع النظير على أن الأنبياء العبرانيين الأوائل، خاصة سيدنا إبراهيم و إسحاق و يعقوب هم من اليهود أصلا، ينتمون إلى طائفتهم، و جاءوا لتبليغهم بدين التوحيد، لا إلى البشرية جمعاء.


 بل هم الأسلاف الذين أنجبوا نسلهم النظيف و سلالتهم الطاهرة، و جعلوهم صفوة البشر بمباركة الله يهوه Yahvé. يدرك هذا الزعم المجحف في حق المسلمين على الخصوص، من خلال نصوص ديانتهم الواردة في توراتهم المقدسة، و تراثهم الفكري المتمثل في تعاليم تلمود، والمشناه و الجمارا الشارحة له، و غير ذلك. و حسبهم ليس للمسلمين أي آصرة تشدهم إلى هؤلاء الأنبياء، أو تقربهم منهم.


 إن هؤلاء الأنبياء الكرام حسبهم براء من المسلمين، لم يكن لهم أمر الدعوة بدعوة الإسلام أي التوحيد قط في حياتهم الجهادية ، وعبر تاريخهم النضالي في تبليغ هذه العقيدة.إن اليهود يدينون اليوم لأجدادهم العبرانيين الأوائل، بالفضل و الاعتراف على مكابدتهم المحن الجمة لأجلهم،و ذلك في محاولتهم إرساء المعالم الكبرى ، في طريق طويل و شاق، حفته المخاطر و الأهوال من كل جهة، لغاية سامية تمثلت حسبهم، في تشييد سرح الفكر الديني و التاريخي اليهودي لهم، و تأسيس كيانهم الحقيقي على أرض الميعاد فلسطين، الذي أصبح في نظرهم حصنا منيعا، يقيهم من مؤامرات و دسائس الاغيار،و يحمي وحدتهم من الشتات، و يوقظ فيهم بصفة آلية، الوعي بضرورة التشبث على الدوام بقوميتهم.


 إنهم يفتخرون أيما افتخار بهم كما يبدو في الظاهري، و يعتزون بالانتماء إليهم، و يجلونهم حق الإجلال على دورهم العظيم في تأسيس تاريخهم المضطرب، عبر الأزمنة و الأحقاب من أجل إبقاء وجودهم ضمن دائرة الأمم.إنهم ينكرون من جهة أخرى، دعاوى المسلمين بأن سيدنا إبراهيم، و أبنائه الأنبياء الكرام ، إسحاق و يعقوب، هم في أصل دعوتهم ، مسلمون نادوا بدين الفترة، و دافعوا عنه حتى قضوا نحبهم. 


و يضيفون كذلك أن المسلمين ابتغوا من وراء ذلك، إضفاء صفة القدسية على كتابهم المقدس القرآن، و منح شرف النبوة لإنسان منهم، و هو بالطبع محمد صلى الله عليه و سلم، و السعي إلى تكوين قناعة أو رأي عام لدى الناس في عالما اليوم، بصدق دينهم ليصل إلى مصاف الديانات السماوية.



 إن اليهود لا يريدون كما نعلم من خلال الوثائق و الدراسات التاريخية، أن يزاحمهم أحد في هذا المجال، مجال النبوة أو مجال الملة. غايتهم أن يبقى العهد القديم، و العهد الجديد على السواء مسيطرا على العقول البشرية و تبقى تحت تخديره، ليتسنى لهم بعد ذلك التحكم في مصائر البشرية قاطبة. أن الغريب فيما يدعيه اليهود، و يريدون إثباته للناس في ظرفنا المعاصر، و قبله بكثير، أن عقيدتهم التي جاءت على يد أجدادهم العبرانيين، هي العقيدة اليهودية الخالصة، و ستظل كذلك، و لن يناقضهم أحد في هذه القناعة. 


رغم هذا الإصرار يبقى و سيظل التاريخ يسجل الحقيقة، بأن سيدنا إبراهيم و إسحاق و يعقوب لم يعرفوا اليهودية على الإطلاق، و لم يكلفوا بالدعوة إليها أبدا في حياتهم. أن العقيدة الحنيفية الابراهمية ظهرت قبل أن تظهر اليهودية بما يربو عن 700سنة. و لنا أن نقول بلا أدنى تردد، أن القرآن الكريم يؤكد للمسلمين قاطبة و لغيرهم، و على مر الأجيال، أن هؤلاء الأنبياء الأجلاء تناقلوا عن بعضهم البعض، بأمر الوحي الإلهي، مهمة تبليغ عقيدة التوحيد المتضمنة لبعض تعاليم الإسلام الحنيف، دين الفترة، الدين الذي أدرك الباحثون و العلماء المتخصصون اليوم، أن الطبيعة البشرية تنسجم معه انسجاما تاما. 


و أن العقل البشري لا يجد تحرره التام إلا ضمن فضائه اللانهائي. ـ نلحظ أن هذا التكليف الإلهي لأنبيائه الكرام، جاء من خلال عديد الآيات القرآنية في السور الطوال. إنه دين شامل و كامل، حافظ على أزليته، وعالميته،و شموليته مذن أن ظهر إلى يومنا هذا، باعتراف علماء الغرب و علماء اليهود معا. و سيظل كذلك ما دام البشر على أديم هذه الأرض. و لم يكن على الإطلاق دين محصور ضمن حدود القوميات، و الفرق الدينية المتخاصمة، و المذاهب الفلسفية قصيرة الرؤى،ضيقة الأفق.


أن الإسلام دين العقل و العلم لا دين النزوات و الأهواء و الأساطير. يقول الرسول في فضل العقل: لكل شيء دعامة، و دعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربه، أما سمعتهم قول الفاجر عند ندامته، لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير.1. و قال بعض البلغاء قديما: خير المواهب العقل و شر المصائب الجهل. و يقول الرسول أيضا في شأن العلم: من جاء مسجدي هذا، لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك، فهو بمنزلة رجل ينظر إلى متاع غيره.2.


 طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة3 . أن الإسلام عقيدة لا تعترف باليهودية على الإطلاق، و لا بكتابها المقدس المحرف و الملفق، و لم يشر القرآن الكريم إلى المصطلح اليهودية في آياته كعقيدة دينية كلف البشر باعتناقها ، بل كعقيدة مفتراة كتبت بأيادي التحريف، و العبث. و لم يشر أيضا إلى أن أنبياء الله الأوائل كانوا يسعون إلى تبليغ اليهودية للناس كافة. و ما كانوا يهودا و لا من شعب يدين باليهودية. 


 يقول عزو جل: وما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما. 


 لقد تملص بعض الأحرار من مفكري اليهود، و بعض الحركات الثقافية اليهودية في أوروبا، في القرن الثامن عشر الميلادي و إلى اليوم، منها حركة التنوير اليهودية 1750 ـ 1880 ميلادية ، من وطأة هذا الدين و كتبه المقدسة المتعددة التي تدعو إلى الانعزال ، و التقوقع على الذات، و مهابة التفتح و الاحتكاك بالغير بل معداته وإضمار الشر و الحقد عليه. 




بل الكيد له و التلذذ بسقوطه، و التآمر عليه بمساعدة خصومه، لدفعه إلى الفشل التام، و الخسران الوخيم. لقد تعالت هذه الأصوات في روسيا و بولندا النمسا و ألمانيا. تدعو اليهود إلى التنحي عن الاعتقاد بالقومية الدينية التي تدعوهم إلى الانعزال في مجتمع مغلق، و الانعتاق من قيودها، و الاندماج بسرعة في المجتمعات الأوروبية المتحضرة.


 من أبرز دعاتها مندلسون اليهودي الألماني، و دافيد فرايد لندر، هولد هايم، و إبراهيم جايجر. أجمع هؤلاء المفكرون على محاولة التأثير في ذهنية اليهود المتحجرة، و إقناعهم بحقيقة أن الكتاب المقدس التوراة ليس من صنع الله، بل هي وثيقة من صنع الحاخامات، و أن الدين هو أداة ابتدعها هؤلاء الناس لتطوير المجتمع البشري اليهودي، و المحافظة على قوميته، و أن العقل هو الذي يجب أن يحكم، لا الطقوس الدينية التقليدية الساكنة. 


 إن صراعهم الذي ظل دينيا مع المسلمين في شكل دسائس و مؤامرات و إشعال نيران الفتن بين الأشقاء، و محاولات التشكيك في قدراتنا الفكرية، و ثقافتنا الإسلامية، طيلة حقب تاريخية مضت، ابتداء من المرحلة الهجرية النبوية إلى اليوم، تحول إلى نزاع سياسي و إيديولوجي توسعي استيطاني، الغرض منه انتزاع أراضي الغير بلا قانون يستند إلى الشرعية الدولية، وفق مواثيق الأمم، ولا إلى منطق العقل الذي يحتكم إليه سائر الناس في تدبير شؤونهم العامة.


 إن القوة العسكرية و السياسية و الإعلامية و القدرة المالية، التي غدت بأيديهم، أو وضعت في متناولهم، بعد فترة وجيزة خلال سنوات القرن التاسع عشر و القرن العشرين، ساعدتهم كثيرا على تنفيذ هذا الزعم الباطل من أساسه. زيادة على ذلك مآزرة الدول العظمى لهم في مواقفهم العدائية مع المسلمين عامة، وعرب فلسطين على الخصوص في كل المناسبات السياسية و الدبلوماسية و الحربية.




  1. حديث شريف من رواية سعيد الخدري
  2. حديث شريف من رواية ابن ماجة 
  3. حديث شريف من رواية ابن ماجة 
  4.  سيغموند شلومو فرويد: 1939 ـ 1956 م طبيب نمساوي من أصل يهودي، مختص بالطب العصبي. 
  5. سفر التكوين الفصل التاسع 20ـ 256 ـ سفر التوين الفصل التاسع 30 ـ 387 ـ سفر الخروج الإصحاح 32 . 1 ـ 68 ـ سفر الملوك الإصحاح 10 . 
  6. جاكوب كلاتزكين: 1882 ـ 1948 م فيلسوف و صحفي يهودي من بولندا. 
  7.  إسرائيل سنجر كاتب صهيوني.
  8.   دافيد فريشمان 1859 ـ 1922م أديب و روائي يهودي.




قائمة مراجع البحث الخاص بموضوع تاريخ بني اسرائيل.


  • د. أحمد سوسة: العرب و اليهود في التاريخ. العربي للطباعة . دمشق.
  •  د. كمال الصليبي: التوراة جاءت من جزيرة العرب. مؤسسة الأبحاث العربية. بيروت 1986. 
  • د. كمال الصليبي: خفايا التوراة. بيروت 2006
  • د. سيد القمني: النبي إبراهيم و التاريخ المجهول. دار سيناء . مصر. 1990. 
  •  د. فؤاد بطاينة: شيطانية الأسفار. عمان. 2007. 
  • إنجيل برنابا: ترجمة خليل سعادة. مكتبة النافذة القاهرة2009.
  •  الفيلسوف ارنولد توينبي: دراسة التاريخ ترجمة طه الباقر 1955 م
  •  د. علي يوسف علي: موسى عليه السلام.
  •  د. كامل سعفان: اليهود تاريخ و عقيدة.
  •  د. محمد خليفة حسن أحمد: تاريخ الديانة اليهودية.
  •  د. إسرائيل ولفنسون: تاريخ اليهود في بلاد العرب.
  •  د. دويكات عباس: قصة التيه . 
  • م. فكري جواد: السبي البابلي و انعكاساته على العقيدة اليهودية . 
  •  د. عبد الوهاب المسيري: الاديولوجية الصهيونية.


 الديانة اليهودية في العصر المسيحي و العصر الإسلامي
أستاَََد أفغول عبد القادلر

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent