 |
| الأسلام دين المستقبل |
نزاهة الباحث:
الاسلام دين الأمم المستقبلية ،هو واحد من المواضيع العويصة و الشائكة التي تكلف المرء مشقة و معاناة لا حد لها في البحث فيها، و الغوص في مجاهلها، هي التي تتعلق بحضارات الشعوب القديمة، و العريقة التي لم تندثر سلالتها أبدا. و لم يندثر رصيدها الحضاري. الفكري الثقافي الأثيل، و العقائدي القيم على الإطلاق. نعم تلك هي الشعوب الحية. فالإقبال على معالجة هذا النوع من المواضيع، يستوجب منا بداية التقيد بالموضوعية، و تحري الصدق في نقل المعلومات إلى القراء، و التجرد من كل الأفكار المسبقة، التي من الممكن أن تشوه الحقائق التاريخية، و تبعدها عن إطارها التاريخي الثابت.
فتعرض صاحبها إلى الإنتقادات اللاذعة الموجعة التي تفضي في الأخير إلى الظن في مصداقية موضوع بحثه برمته، بحيث يراه القارئ أنه بعيد عن الدقة و العلمية المطلوبتين في معالجة هذا النوع من البحث. يصبح هذا العمل الفكري محل تأويلات كثيرة لا تهوي إلا قلوب المغرضين، و ذوي النفوس العليلة. على الباحث إذن أن يعي أن مسألة الخوض في تاريخ الشعوب، منها على الخصوص الأمة العربية، و التي تحولت من قبائل متشرذمة متناحرة عبر مراحل تاريخية كثيرة ،إلى أمة مسلمة واحدة، و متحدة مع غيرها من الأمم التي اعتنقت الإسلام و فضلته على غيره.
و هو كما نلاحظ، موضوع الاسلام دين الأمم المستقبلية ،هو موضوع الساعة. ليس بالأمر الهين، و لا البسيط. لأنه سوف يجد نفسه أمام موضوع تاريخي متشعب. تنبع أحداثة و وقائعه من عدة محطات فكرية، و دراسات تاريخية قديمة، و حديثة. تنطوي في نظرنا على معارف هامة ذات مناحي عرقية و قومية، و أبعاد فكرية أدبية و لغوية و دينية بالغة الأهمية. تراكمت في الأيام الخوالي عبر السنون الطويلة، و باتت اليوم تزاحم المدارس الفكرية، و المذاهب الفلسفية الحديثة، و الإيدلوجيات السياسية المعاصرة. إنها أضحت اليوم تنافس المد الحضاري الحديث.
دور المفكر العربي تجاه الإسلام و أديان الأمم.
إن النخبة العربية الأصيلة من المفكرين، و ذوي الأقلام الحرة النزيهة من العرب ، ما فتئوا يناضلون و يجتهدون اليوم بلا هوادة، لإسترجاع هويتهم و قوميتهم و شخصيتهم الفكرية و مكانتهم الحضارية بين الأمم الحديثة، و مجدهم المفقود. و ذلك من خلال تركيز التنقيب الفائق و المتواصل على بقايا تراثهم المعرفي العريق. و يبدو أن التنقيب و العناية به، حسب ما نعتقد مهمة شاقة في الفحص و الدراسة الدقيقة المعمقة لكثر من المخطوطات. و تقفي آثار المجهود الفكري و المعرفي للكتاب و الباحثين النزهاء، عن طريق المصادر الموثقة و المعتمدة، و الآثار التاريخية المكتشفة من قبل المؤرخين في وقتنا الحالي.
بعد هذه الومضة الخاطفة و المتواضعة التي يجب التذكير بها في كل مناسبة بحث تاريخي معين، لإدراك قيمة البحث من الناحية التاريخية و ضخامة المسؤولية الأخلاقية، و العلمية التي يجب عليه تحملها إتجاه الموضوع و قارئ الموضوع، و ذلك بتقيده بالموضوعية. و التركيز على كيفية إنتقاء معلومات تاريخية جديرة بالثقة.
أهمية الموقع لاستقبال دين الإسلام الدين المستقبلي.
رأينا من الضروري أن نشرع بادئ ذي بدء في تحديد الإطار البيئي الطبيعي المتمثل في الموقع الجغرافي للمنطقة. أي موقع شبه الجزيرة العربية بالنسبة لمناطق الشرق الأدنى و كذا، موقعه بنسبة للعالم. ليتسنى لنا بعد ذلك فهم مؤثرات البيئة الطبيعية التي شكلت فصول الحياة العربية الفكرية بكل معانيها في هذا الجزء من المعمورة. ثم توضيح كل العوامل التاريخية التي ساهمت في بلورة النهضة الأدبية لدى العرب، قبل البعثة النوية بردح من الزمان. هذه المنطقة التي وصفت من قبل النمؤرخين قديما و حديثا، بأنها مهد الشعوب السامية.
الشعوب التي تميزت عن غيرها من الأمم في الفكر، و الطبائع، و الأموجة، و الأعراف. توافدت تباعا على منطقة الجزيرة بحثا عن مصادر الرزق، و منافذ المصالح الحيوية، التي كانت تتمثل حينذاك في التجارة مع الأجناس المجاورة، كالفرس و الروم و الأحباش. أو في الزراعة و الرعي عبر الأجزاء الداخلية المترامية الأطراف. و هذا حسب ما كانت تجود به الظروف الطبيعية الصحراوية القاسية في تلك البقاع الشاسعة. إلى جانب ذلك معرفة من ساهم من هذه الشعوب، التي عاشت و استقرت في هذه الأراضي، في تهيئة الظروف الإجتماعية، و توفير الأجواء الفكرية السليمة و الملائمة، لإحتواء ديانة بحجم الإسلام لأنه دين أمم المستقبل .
هذه الديانة التي لم تخصص للعرب كما نعلم، بل جاءت لكافة البشر على اختلاف أعراقهم. أن عقيدة السلام عقيدة عالمية بإعتراف حاخامات اليهود و قساوسة النصارى و فلاسفة الغرب في أحدث الجامعات.
يقول الله تعالى: و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الأخيرة من الخاسرين. 1. و قال جل جلاله أيضا: إن هو إلا ذكر للعالمين. و لتعلمن نبأه بعد حين. 2. و قال أيضا: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعلمين نذيرا. 3. و قال : و ما أرسناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون. 4. و قال: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا. 5.
- سورة آل عمران الآية 85.
- سورة ص الآية 87 -88 .
- سورة الفرقان الآية 1.
- سورة سبأ الآية 28.
- سورة الأعراف الآية 158.
موقع شبه الجزيرة العربية:
 |
| شبه الجزيرة العربية |
- سؤال :
لماذا فضل الله شبه الجزيرة العربية إحتضان دين الأمم المستقيلية الذي هو الإسلام.
- جواب :
تقع شبه الجزيرة العربية في الجزء الجنوبي الغربي لقارة آسيا، و الجزء الشمالي الشرقي لقارة أفريقيا. يحدها الخليج العربي شرقا، و البحر الأحمر غربا. و خليج عدن من الناحية الجنوبية الغربية، و خليج عمان و المحيط الهندي من الناحية الجنوبية الشرقية. و تحدها فلسطين و الضحراء الشامية من الناحية الشمالية، و دولة العراق و إيران من الناحية الشرقية. تعد أكبر شبه جزيرة في العالم. تقدر مساحتها 3237500 كم مربع.
إن الذين تناولوا دراسة شبه الجزيرة العربية من الجغرافيين كثير، منهم القديم و منهم الحديث، كون جزيرة العرب هي مهد حضارات الشعوب السامية. لذا نرى هنا أن الضرورة تقتضي منا في هذا المقام، أخذ فكرة و لو بسيطة على طبيعة بلاد العرب. من بين الدراسات الجغرافية القديمة للمنطقة هي التي قام بها بعض الجغرافيين اليونان و العربة, فعالجوا الموضوع بنظرة تاريخية تقليدية، قسم الجغرافيون اليونان المنطقة العربية إلى ثلاثة أقسام.
التقسيم اليوناني للمنطقة العربية:
- المنطقة العربية الصحراوية، أو البادية الشامية التي تلامس الشام غربا إلى غاية الحدود العراقية و الحيرة شرقا، ظهرت فيها مملكة تدمر.
- المنطقة العربية الصخرية شملت حسبهم جزيرة سيناء , الجبال المحاذية لها في شمال الحجاز و البحر الميت. ظهرت فيها مملكة بطرا النبطية التي امتدت إلى غاية دمشق. سقطت هذه المملكة نهائيا على يد الإمبراطورية الرومانية سنة 106 ميلادية.
- المنطقة العربية السعيدة فكانت تشمل وسط و جنوب الجزيرة العربية خضعت لمملك اليمن.
التقسيم العربي للجزيرة العربية حاضنة الدين المستقبلي.
بينما قسم الجغرافيون العرب جزيرة العرب إلى خمسة أقسام هي على التوالي: تهامة ،الحجاز، نجد، العروض و اليمن.
- إقليم تهامة :
هي منطقة ساحلية رملية تشرف على البحر الأحمر بحر قلزم. اقيمت عليها بعض المراسي و الثغور و ظهرت في جنوبها قرية الحوراء. يمتد على طول إقليم تهامة سلسلة جال السراة. تبدأ من الشمال إلى الجنوب لتكون إقليم الحجاز.
- إقليم الحجاز :
تشكل منطقة بركانية، تنتشر فيها السهول الرملية الحرات ذات القمم البركانية، تتخللها المجاري المائية. من بين مدنها يثرب في أقصى الشمال، و مدائن صالح لقوم ثمود و مكة في الجنوب التي ورد ذكرها في كتب بطليموس macoraba. هذه المدينة كان لها سلطة التصرف في القوافل التجارية من البحر الأبيض، إلى المحيط الهندي و من اليمن إلى الشام. بمكة المكرمة البقاع المقدسة منها الكعبة الشريفة بيت الله العتيق مطاف الحجيج، و بيت الأصنام في ذلك الوقت. تقيم قريش في مكة أعيادها و أسواقها.
يقول إبن الفقيه: إن أهل مكة لم يؤدوا في الجاهلية إتاوة ، و دانت لهم خزاعة و ثقيف و عامر بن صعصعة، و فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم، و هم بعد أعز العرب يتأمرون عليهم قاطبة. إنتهى النص.1.
أما مدينة الطائف فإنها محاطة بالبساتين و الحدائق، مرتفعة تهب عليها ريح طيبة، يقصدها أهل مكة للإصطياف. بها قبيلة ثقيف. من بين القبائل التي نزحت إلى هذه المنطقة هي: قبيلة هجينة، قبيلة قضاعة و خيبر اليهودية. مدينة يثرب تظهر على سهل خصب ترويه مياه الآبار و العيون، تكثر فيه زراعة النخيل. تتميز يثرب بجو معتدل أقل حرارة من مكة المكرمة. أقدم قوم نزل بها هم العماليق، و جاء بعدهم اليهود على إثر سقوط فلسطين على يد الرومان. نزح إليها كذلك من الجنوب قبيلتا الأوس و الخزرج الذي امتهن أهلها الزراعة و النخيل.
- إقليم نجد:
و هو بلاد اليمامة و البحريين، يحده من الشمال صحراء النفوذ الواسعة والمكسوة بالكثبان الرمالية، تتخللها مراعي عشبية كثيرة. تبدأ من واحة تيماء شرقا، فيها الربع الخالي الواسع يفصل بين نجد من جهة و عمان و حضرموت من جهة أخرى. تليه صحراء الأحقاف التي تمتد إلى الجهة الغربية فتفصل نجد عن عن اليمن. من وراء هذا الطوق الصحراوي الذي يحاصر نجد من كل جهة، بادية الشام كثيرة الواحات و المياة و بادية العراق. من بين القبائل العربية التي حطت الرحال في هذه المنطقة : قبيلة تميم، و قبيلة ضبة العربيتين.
- إقليم العروض:
يشمل اليوم كل من الكويت و قطر و الأحساء و جزر البحرين، غني بالمياه، قطنت الإقليم عدة قبائل عربية بائدة منها قبيلة جديس و قبيلة طسم. اشتهر سكان الإقليم باستخراج اللآلئ.
- إقليم اليمن:
يشمل الجزء الجنوبي للمنطقة، يتوفر على ساحل ضيق يسمى تيهامة اليمن ، كثير الخصوبة، توازيه سلسلة جبال السراة، تليها هضبة نجد. و صحراء الربع الخالي. تتخلل منطقة الساحل سهول و أودية تغذيها الأمطار الموسمية. لقد ساعدت هذه المنطقة السكان كثيرا تأسيس دول ذات حضارات راقية عبر التاريخ، منذ الألف الثاني قبل الميلاد، إلى القرن السادس الميلادي. يسمى قسمها الشمالي المجاور للحجاز عسير. من مدنها: عدن، نجران، صنعاء، و ظفار. يحدها من الشرق على ساحل بحر العرب منطقة حضرموت.
- يقول إبن الفقيه 1198-1252م إمام الحنفيين ولد في دمشق