recent
أخبار ساخنة

إزاحة رواسب الشرك - وفاة رسول الله




إزاحة رواسب الشرك
إزاحة رواسب الشرك




 القضاء على طقوس الشرك في مكة 


بعد تحطيم الأصنام التي كانت شائعة بكثرة في المجتمع المكي، و في داخل الكعبة المكرمة نفسها ، فإن رسول الله محمد (ص) بكثير من الجرأة ، و الجسارة شرع في إزاحة طقوس الشرك ، و إجتثاث جذورها من أعماق تربة الحجاز التي وطأتها أقدام الأنبياء : مثل سيدنا إبراهيم ، و سيدنا إسماعيل . فأرسل النبي في السنة التاسعة للهجرة "أبي بكر الصديق" ، و " علي بن أبي طالب" يمنعان المشركين من الحج في ذلك العام . و لهم مهلة أربعة أشهر للدخول في الإسلام ، أو لا يكون إلا القتال بينهم و بين المسلمين . تلا "أبو بكر" و "علي" على هؤلاء المشركين آيات من سورة براءة و نادى فيهم لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، و لا يطوف بالبيت عريان .


قال الله تعالى : وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .1 .


و من معالم الضلال التي أراد الكفار إخفاء نواياهم بها ، هي تشييد مسجد "ضرار" قرب مسجد "قباء" من قبل "أبي عامر الراهب" من قبيلة الخزرج ، تنصر أيام الجاهلية . لقد لجأ "أبو عامر" إلى هذه التدابير عندما فشلت مساعيه لتأليب مشريكي مكة ، و الروم على الرسول . لم يستسغ هذا الرجل تعاظم كلمة الرسول في قومه العرب ، و شيوع دعوته فيهم . طلب أتباع "أبي عامر" من الرسول أن يصلي فيه بعد إنجازه ، ليكتسب نوعا من الشرعية تكون حجة في إثبات مصدقيته و شرعيته . تمهل الرسول في تلبية مطلبهم ، و ذلك قبل الخروج إلى "غزوة تبوك" . و عندما عاد منها و في الطريق أطلعه الله على الأبعاد الحقيقية لبنائه . أراد أهل الكفر من وراء بنائه تفرقة جماعة المسلمين ، و تشتيت شملهم ، و إضعاف شوكتهم بين الأمم .



قال الله تعالى : وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ . 2.




الإسلام يتمكن من قلوب سائر القبائل العربية 



حينما عاد الرسول الله محمد (ص) من "تبوك" إستقبل لتو وفدا من قثبيلة ثقيف بقيادة "كنانة بن عبد ياليل" ، نصب لهم خياما يقيمون فيها قصد سماع القرآن ، و رؤية الناس إذا قاموا للصلاة . كان يحدثهم كل يوم بعد صلاة العشاء عن دينهم . قال سيد ثقيف إنا قوم نغترب كثيرا ، فنحب الزنا ، و المعاملة بالربا . رد عليه النبي من الكتاب الكريم .


قال الله تعالى : و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيل . يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين .


ثم طرحت قبيلة ثقيف العديد من الأسئلة ، أن يضع عنها الصلاة ، و أن يسمح لهم بشرب الخمر ، و أن يكف عن مسألة تحطيم اللات و غيرها .


و من أمر هذا الدين الذي يستدعي فعلا منا التأمل ، و الإهتمام . أن في أثناء نزول قبيلة ثقيف عند رسول الله محمد (ص) كان شاب في الوفد يجتهد خفية في حفظ القرآن الكريم و تعلم الفقه . و هو "عثمان بن أبي العاص" كان حريصا على معرفة دينه حين كان قومه يجادلون النبي . إن هذا لدليل على أن تعاليم الإسلام السمحاء تتكيف معها فطرة و ذكاء المرء بسرعة منذ الصغر.


لقد أدركت القبائل العربية أخيرا ، أن لا مندوحة لها من إتباع الرسول محمد (ص) في دينه ، و نبذ الشرك و طقوسه. ففي سنة 631 ميلادية أي السنة التاسعة للهجرة ، وفدت على الرسول ما يزيد عن مائة قبيلة عربية . جاءت مسلمة إلى المدينة المنورة ، تبايعه على توحيد الله ، و التمسك بتعاليم كتابه الكريم . منها على سبيل الحصر : قبيلة "ثقيف" ، و "بني تميم" ، و "بني سعد" ، و "عبد قيس" ، "بني أسد" ، و قبيلة "نجران" ، و "باريق" و غيرها كثير . تم ذيوع الدعوة الذي بلغ أقاصي الجزيرة بعد غزوة "تبوك" مباشرة . لقد إمتطى محمد رسول الله (ص) بهذا النصر صهوة المجد ، و ذلك بفضل تأييد الله ، و مآزرته له في أحلك الأوقات . و بفضل إيمانه القوي بالله ، و صبره الطويل على الشدائد و ذكائه السياسي الخارق في معاملة العرب ، و مهارة التفاوض مع سادتهم .


يقول "أميل درمنجهام" Emile Dermenghem : تدل هفوات النبي على أن عظمته الحقيقية و الفذة قد أتته من الله ، و من خلال الوحي إليه . فلو لا الله لشعر أنه وحيد ضعيف . إن مروءته و شهامته أثناء إنتصاره النهائي ، أي فتح مكة تظهر من عظمة النفس ما لا يوجد مثيله في التاريخ إلا نادرا. إنتهى النص . 3.




إن توافد القبائل العربية من كل صوب و حدب على النبي ، لإعلان إسلامها زاده إندفاعا و إصرارا على مواصلة نشر هذا الدين . و جعله يستقطب إهتمام كل إنسان على أديم هذه الأرض . و يكون في صدارة إنشغالاته . ففي هذا الصدد بعث رسلا دعاة ، و معلمين و مرشدين إلى كافة أرجاء الجزيرة ، ليسهروا على تعليم الناس دينهم ، و يشرحون لهم حقائق الإسلام . إن الغاية من ذلك أن تتمكن هذه العقيدة من قلوبهم بعدما إكتسحت جل أراضيهم . بعث رسول الله محمد (ص) "خالد بن الوليد" إلى أهل "نجران" . و "علي بن أبي طالب" إلى اليمن و "موسى الأشعري" و "معاذ بن جبل" إلى اليمن كذلك . طلب منهم أن ييسروا على الناس أمر هذا الدين لأنهم أهل كتاب . هذه هي المهام النبيلة التي أداها "محمد العربي" بنجاح باهر في قومه . فاق كل تصور . لقد عاشوا حقبا من تاريخهم في دياجير الجهل ، و الأمية و الضلال . نجاح رسول الله محمد (ص) يعزى أساسا إلى تأييد الله له على طول مسار البعثة . و إلى جملة عظيمة من القدرات العقلية و النفسية و الأخلاقية التي إتصف بها في تأدية هذه المهام .


تقول "كارين أرمسترونج" Karen Armstrong : لقد أنجز محمد إنجازا فذا . فلم يستند فقط إلى الوحي الذي أنزله الله عليه . بل أنه وظف كل موارده الطبيعية و عبقريته الشخصية الفائقة طبقا للمبادئ القرآنية إلى أن تمكن من تحقيق النجاح . إنتهى النص . 4.




الرسول يودع البيت العتيق 



في شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة . خرج رسول الله محمد (ص) من المدينة المنورة مع جموع غفيرة من المؤمنين متوجهين إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج . حين وصل و رأى البيت العتيق


قال رسول الله محمد (ص) : اللهم زد هذا البيت تشريفا و تعظيما و تكريما و مهابة ، و زد من عظمه ممن حجه تشريفا و تكريما و مهابة و تعظيما و برا .


ثم واظب رسول الله محمد (ص) في موسم الحج هذا تعليم المسلمين مناسكهم . و حين إنتهى إلى عرفات خطب في حشود بشرية لا تحصى و لا تعد . خطبة إعتبرها المؤرخون و المتتبعون للشأن الإسلامي بمثابة دستور الأمة الإسلامية. في هذه الخطبة أفصح نبي الله عن المعالم الكبرى لمنهاج الأمة الإسلامية .من بعض بنود نص الخطبة ما يلي : عظم حرمة دماء المسلمين ، و أموالهم على حرمة الكعبة .


فقال : ما أطيبك و أطيب ريحك . ما أعظمك و أعظم حرمتك . و الذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ، ماله و دمه و أن نظن به خيرا . لقد وضع النبي بهذا البيان حدا فاصلا للشرك و أوثانه ،و الإيمان و شعائر العبادة الصحيحة و أنهى تقاتل العرب فيما بينهم . كانت الإغارات في الجاهلية هي السمة الغالبة على علاقاتهم . و هي مقياس القوة و الشرف لديهم . إنها فخرهم رغم عواقبها ، و عظم نتائجها . إنها أيامهم التي إستحوذت على جزء من تاريخهم . فمنح بعد ذاك المسلم حرمة لا تدانيها حرمة في الدم و المال . و مكنه من الشرف و علو شأن بين سائر الشعوب . لا يجوز قتل المسلم ، و هدر دمه إلا بالحق .




يقول النبي محمد (ص) : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إسلامه ، أو زنا بعد إحصانه ، أو قتل نفس بغير نفس . و رفع شأن المرأة التي أعتبرت زمانا بعيدا من متاع البيت . تورث كما تورث الأملاك . و يعبث بها كما يعبث بالبهائم .

 فقال في حقها : إتقوا الله في النساء . فإنكم إنما أخذتموهن بأمان الله فإستحللتم فروجهن بكلمة الله . أكد على ضرورة التمسك بالكتاب و السنة . 

فقال و قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن إعتصمتم به . كتاب الله ، و سنة رسوله .


 لقد إعتبر رسول الله محمد (ص) أن القرآن و السنة هما معا المرجعية الوحيدة للأمة الإسلامية قبل الإجتهاد العقلي .لا يساس شعوبها إلا بها ، و إعتمادا عليها في أي شأن من شؤون المسلمين الدينية ، و السياسية ، و الإقتصادية و غيرها . الولاء التام لمن أخذ مقاليد تسيير أمور المسلمين ، ولو كان عبدا حبشيا ما أقام فيهم كتاب الله . و بالتالي فقد محا الفوارق الجنسية و الإجتماعية ، و فسح المجال للكفاءات العقلية ، و الدينية ، و الأخلاقية و التفاني بإقتدار في خدمة المسلم و الإسلام ، و صيانة كرامته و شرفه ، بعد محو أثار الشرك و طقوسه .


قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .


الرفق بالعبيد و عتقهم أفضل . قضى الرسول بهذا الإجراء الجريئ على ظاهرة الرقيق التي كانت متفشية في المجتمعات زمانا طويلا . و أنهى بهذا معاناة العبيد الذين سخروا في الحروب و إستغلوا في خدمة الأسياد و الطبقات الإجتماعية الراقية بلا شفقة و لا رحمة . المسلمون أخوة في دين الله فحرم عليهم ظلم بعضهم بعض . لقد أبطل النبي آصرة الدم و عوضها برابطة الأخوة في الله . الإنسان المسلم لا ينبغي له أن يتعصب لقبيلته أو عشيرته و يحارب من أجلها و يهدر دم أخيه كما كان معروفا في الجاهلية . بل ألزمه الإسلام أن يدافع و ينصر و ينتصر لأمته تحت راية دين الله .



وفاة محمد (ص) و مواصلة مهمة الدعوة 


بعد ما فرغ من الخطبة أتمم مناسك الحج كلها ثم قفل راجعا إلى المدينة المنورة .
بعد عودة رسول الله إلى المدينة أمر على التو "أسامة بن زيد بن الحارثة" على قيادة حملة عسكرية من المهاجرين و الأنصار بإتجاه "البلقاء" حيث قتل أبوه . في هذه الأثناء إشتد المرض عليه ، و زاد الوجع بعد زيارة "البقيع" . كان النبي يقيم عند "ميمونة" ثم غادرها . إستقر بعد ذلك في بيت "عائشة" رضي الله عليها . ظلت ترقيه هذه الزوجة ، و تلبي ما يحتاج له وهو في هذه الحالة . لقد خرج رغم المرض ، فصلى بالناس في المسجد ، و خطب فيهم .



قال رسول الله محمد (ص) و الله لا أخشى أن تشركوا من بعدي و لكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها .
ثم رجع إلى البيت و قد أثقل عليه المرض كثيرا . أمر النبي "أبا بكر الصديق" أن يصلي بالمسلمين ، و صلى هو جالسا بقربه . لكنه بعد ذلك دخل حجرته و أسدل الستار . أسندت "عائشة" رأسه على صدرها . تمده بالسواك ، و ركوة الماء .


قال الرسول محمد (ص) حينها وهو يتألم و يمسح وجهه بالماء : لا إله إلا الله إن للموت سكرات . في الرفيق الأعلى .


دخل "أبو بكر الصديق" حجرة النبي فوجده قد مات ، فبكى عليه بكاء شديدا . خرج إلى الناس الذين كانوا ينتظرون بلهفة خبرا عن حالة النبي .


قال الصديق : أيها الناس من كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات . و من كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا بموت .
بينما "عمر بن الخطاب" لم يتقبل الأمر إلا حين سمع هذه الآية .


قال الله تعالى في كتابه الكريم : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ . 6.

لقد توفى الرسول الله محمد (ص) في بداية السنة الحادية عشر للهجرة عن عمر قدر بثلاث و ستين عاما . عاش منها أربعين سنة قبل البعثة . ثلاثة عشر عاما في مكة المكرمة يدعو إلى الله . و عاش عشرا في المدينة المنورة بعد الهجرة . لم يترك محمد نبي الله بعد وفاته إلا بغلة و سلاحا كان يقاوم به المشركين و أرضا تصدق بها لإبن السبيل .



منجزات الرسول الأمي العملاقة 


لقد أدى رسول الله محمد (ص) مهمته الرسالية بنجاح . هذا النجاح الذي فاق توقعات الفلاسفة . و أعجز عقول المفكرين في حصر صداه في المعمورة . و أنهك النفسانيين في حساب عمق تأثيره في وجدان و مشاعر المجتمع العربي ، و تصوراته العقلية بالإضافة إلى غيره من المجتمعات الإنسانية .


لقد قاد الرسول محمد (ص) الفاتحين إلى إذلال زعماء الشرك و تحطيم طقوسهم ، و الجورهم و ظلمهم  في الجزيرة و في البلدان المفتوحة . حطم الأصنام و ذهنية الإنحناء لها . و أزال الأعراف العتيقة المبنية على السذاجة و الإرتجالية . قضى على تفاهة و دناءة معارف الإنسان العربي ، و غيره ممن إعتنقوا الديانة المبنية على الخرافات و الأساطير و تخمينات العقول العليلة . طهر القلوب من الشطط ن و الغواية ، و الضلال البعيد .


 و نقى النفوس من الصفات الذميمة: من التفاخر بالأنساب ، و التعصب للقبيلة . زود المسلمين بأفضل الشرائع الربانية ، و السنن الحكيمة ، و الأخلاق المثالية . فقال بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . و قال فيه الرب إنك لعلى خلق عظيم . إستطاع أن يجعل من شتات العرب ، أمة إسلامية عظمى . و من أراضيها المجزأة بين القبائل المتناحرة ، إمبراطورية ذات حضارة إنسانية راقية ، نافست الإمبراطورات المعاصرة لها .


قال "فولتير" Voltaire: لقد كان بالتأكيد رجلا عظيما جدا ... مشرع فاتح حكيم و إمام . لقد قام بأعظم دور يمكن أن يقوم به إنسان على ظهر الأرض . إنتهى النص . 7.



رسول الله و نهاية المطاف 


بتأييد من الله ، و الإمتثال للوحي ، و الإنضباط في تقييد الآيات ، و بالفطرة السوية . أسس الرسول إمبراطورية روحية . ضمت قلوب العديد من القوميات ، و الشعوب على مر العصور . و من شتى أصقاع الأرض . لا تزول بزوال فترات إقامتهم في هذه الدنيا ، و ينتهي تاريخها بإنقراضها . أنشأ من شعوبها أمة مسلمة موحدة ، ما فتئت تقاوم بشراسة التدابير الخبيثة لإستأصال عقيدة السلام من قلوب الشعوب المؤمنة . و تتصدى للمؤامرات التي تريد تشويه تعاليم الكتاب المقدسة. أمة رسول الله أمة عظيمة و حبها له أعظم ، و خوفها من الله أعمق . نستطيع القول أن محمدا أوجد أمة أزلية ، و دائمة بدوام تمسكها بالكتاب و السنة الشريفة . و إن إنطفأت أنوار حضارتها المادية في فترتنا المعاصرة .

يقول "لامرتين" Lamartine : و قد خلق محمد أمة روحية . جمعت معا أناس من مختلف الألسنة ، و الأجناس على أساس كتاب كل حرف منه أصبح قانونا و شريعة . إن فكرة وحدانية الله التي طرحت وسط النظريات اللاهوتية الخرافية المستهلكة . كانت في حد ذاتها معجزة ، حتى أنه بمجرد نطقها من شفتيه دمرت كل المعتقدات الخرافية القديمة . إنتهى النص. 8.

لقد غادر نبي الله محمد (ص) الحياة و هو مطمئن على أن شمس السلام ، و التسامح لا تخبو أبدا من سماء المؤمنين ، و إن جارت عليهم الأمم المناوئة المتربصة بها .








  1. سورة التوبة:  الآية 3.
  2. سورة التوبة : الآية 107 .
  3. أميل درمنجهام : ولد سنة 1892 ـ 1971 ميلادية . مستشرق إسلامي من أشهر كتبه محمد و التقاليد الإسلامية .
  4. كارين أمرسترونج : ولدت بانجترا سنة 1944 ميلادية . باحثة في تاريخ الأديان . درست الأدب في جامعة لندن .
  5. سورة الحجرات: الآية 13 .
  6. سورة آل عمران الآية 144 .
  7. فولتير : فيلسوف فرنسي و ناقد ولد سنة 1694 ـ 1778 ميلادية . دافع عن حرية المعتقد 
  8. لامرتين : ألفونس دي لامرتين . ولد 1790 ـ 1869 . شاعر رومانسي و سياسي كبير .
google-playkhamsatmostaqltradent