recent
أخبار ساخنة

دور الجزائر الإقتصادي على المستوى الإفريقي

 




دور الجزائر الإقتصادي على المستوى الإفريقي





يقظة القارة الإفريقية بدورها الإقتصادي


تضم القارة الإفريقية أربع و خمسين دولة ، بما فيها جزيرة "مدغشقر" و جزر دولة "القمر"  في المحيط الهندي . إن معظم هذه   الدول تتمتع بالإستقلال السياسي ، ما عدا الصحراء الغربية . لقد تعرضت أفريقيا بشَطْرَيْها الشمالي و الجنوبي إلى أبشع أنواع الإستعمار الأوروبي ، من الإستغلال المذل ، و الإسترقاق المهين ، و الميز العنصري البغيض عبر التاريخ من طرف : "فرنسا" و "بريطانيا" و" ألمانيا" و "إيطاليا" و "إسبانيا" و "البرتغال" . إنها الآن في مرحلة الإستفاقة و إدراك الذات ، و يقظة الوعي الجماعي . الوعي الذي يبحث عن السبل الكفيلة بتحريرها نهائيا من التبعية الإقتصادية للغرب.  و حسب الدراسات الجيوسياسية التي قام بها عدد من المختصين ، أدركت أنها تملك كل المؤهلات التي تقودها حتما في الظروف العادية ، إلى الرقي الإقتصادي على المدى المعقول . و ترتاح من وطأة الوصاية   الأجنبية . إنها غنية بالموارد الطبيعية : لها إحتياطيات هائلة من الثروات المعدنية ، و الطاقوية ، و من الأراضي الزراعية ، و مصادر المياه . بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الممتاز ، الذي يمكن شعوبها من الإتصال مع سائر قارات العالم .



تعدد مؤهلات أفريقيا الإقتصادية 


إن الإحاطة السريعة بأهمية الموقع ، و سواحله المتعددة ، و بحجم الموارد الطبيعية لهذه لقارة افريقيا. ندرك أن ظاهرة التخلف التي تعاني منها معظم دولها ، ما هي إلا شيء طارئ ، سرعان ما تزول . إذا توفرت حقيقة النوايا الحسنة ، و الإرادة السياسية القوية ، و تضافرت الجهود الصادقة لزعمائها . و ذلك بغية رفع التحدي في وجه التخلف المزمن .                  في وسعنا الآن ، و بعد الإطلاع على الدراسات ، و التقارير الإعلامية الكثيرة ، نرغب في توويد المتتبعين ببعض المعطيات الإحصائية عن كميات و أنواع هذه الموارد للقارة . تعكس لنا هذه الإمكانيات مدى حجم حصة أفريقيا في التنمية و الرقي في المستقبل ، و منها . 


أولا : الموارد المعدنية و الطاقوية 

تختزن أراضي أفريقيا مختلف المواد الأولية المعدنية ، التي تتنافس عليها الشركات العالمية . و يرتفع عليها الطلب في الأسواق الكبرى . من ذلك :  البوكسيت 30% ، المنغنيز 60 % ، الفوسفات 75 % ، البلاتين 85 % ، الكروم 80 % ، الكوبالت 60 % ، الماس 75 % و الذهب 40 % . بالإضافة إلى معدن الحديد و النحاس و الفضة و اليورانيوم . إحصاء 2008 ميلادية . كما تملك القارة إحتياطيات من النفط و الغاز الطبيعي . ففي "الجزائر" 12 مليار برميل من النفط و 2.2 تريليون متر مكعب من الغاز. و في "نيجيريا" 36 مليار برميل من النفط و 5 تريليون من الغاز الطبيعي . أما "مصر" 16.9 مليار برميل من النفط و 1.6 تريليون من الغاز الطبيعي . إحصائيات سنة 2021 ميلادية .



ثانيا : الثروة الرزاعية و النباتية 

تحتوي أفريقيا على نسبة 30 % من الأراضي الخصبة في العالم . يتنوع فيها الإنتاج الزراعي حسب تعدد البيئات المناخية . و تتوفر فيها المراعي الهائلة لوجود حشائش "السافانا" . و تتنوع فيها الثروة الحيوانية من أبقار و أغنام و إبل و ماعز . تنتشر فيها الغابات الإستوائية التي تمدها بنسبة 20 % سنويا. و هذا إلى جانب تنوع الثروة السمكية لتنوع السواحل البحري ، في المحيط الهندي و الأطلسي و البحر المتوسط و البحر الأحمر. 



ثالثا : الثروة المائية 

تستمد أفريقيا ثروتها المائية من عدة مصادر : من مياه الأمطار ، مياه الأحواض و الأنهار ، و من المياه الجوفية بنسبة 23 % . تجري على اراضيها 17 نهرا . تشكل هذه الأنهار في الغالب حدودا طبيعية بين بلدانها . يعد نهر النيل من أطولها. 6741 كم . يمر عبر تسع دول و هي : "بورندي"  "روندا" "زائير" "تانزانيا" "أوغندا" " كينيا"  "إثيوبيا" "السودان"  "مصر" . كما توجد 160 بحيرة كبيرة منها البحيرات العظيمة كبحيرة "فيكتوريا" يؤكد الخبراء أن هذه القارة في مأمن من شح المياه على المدى البعيد ، إذا أحسنت إستغلالها . حيث يتوقع أن تكون الحروب و الصراعات بين الأمم في المستقبل على المياه .



معيقات التنمية الإتقادية في أفريقيا

لكن في الوقت الحالي ، تشير الإحصائيات أن هذه قارة أفريقيا  ، إذا إعتبرناها ضمن الكتل الإقتصادية الدولية ، فإنها لا زالت تحتل المراتب المتأخرة جدا في التصنيف العالمي . نظرا لهشاشة إقتصاديات دولها ، و تعرض مواردها الطبيعية إلى سيطرة الشركات الغربية ، و إرتفاع الديون ، و تهريب رؤوس الأموال نحو الخارج ، و عدم إستقرار أوضاعها الأمنية و ذلك نظرا للنزاعات السياسية على الحدود . و التهديدات الإرهابية . و أكثر من هذا تردي الأوضاع الإجتماعية نتيجة تفشي الأمراض و الأوبئة ، و الفقر و الأمية ، و سوء مواجهة ظاهرة التصحر و الجفاف و الجراد .



البحث عن التكامل الإقتصادي في أفريقيا

إن إستشراف مستقبل القارة الواعد ، ينبني في البداية على التكامل الإقتصادي الصحيح  و المتين بين الأفارقة أنفسهم .   و أنه أفضل الإستراتيجيات الإقتصادية المتاحة اليوم  أمام الحكام ، قصد تقليص الهوة بين بلدانهم و العالم المتقدم .     إن القارة السمراء تشهد تغيرات دولية سريعة في النظام العالمي حولها ، و على الصعيد الإقتصادي بالدرجة        الأولى .هذه التحولات أفرزت توزيعا جديدا لمراكز النفوذ و الهيمنة ، و بقيت هذه القارة تراوح مكانها ، بل صارت محل أطماع الغرب من جديد. إن التكامل الإقتصادي الحقيقي بين الأفارقة ، هو العامل المحرك لعجلة التنمية الإقتصادية بوتيرة أسرع .  ما دامت تتوفر على كل الإمكانيات الطبيعية ، و البشرية التي تؤهلها لا محالة إلى نسج هذا التكامل المنشود . 

نرى أن بعض الدول الأفريقية بدأت فعلا تحمل هموم التخطيط لنظام التكامل الإقتصادي ، الذي بات مطلبا لا محيص عنه في خضم هذه التحولات الكبرى . و تعد إقتصاديات هذه الدول معافاة إلى حد ما . و يمكنها المبادرة معا في بعث هذا التكامل الإقتصادي. و هي "جنوب أفريقيا" و "نيجيريا" و "الجزائر" التي ظل إنشغالها بذلك يتزايد بمرور العقود .



جهود الجزائر في بلورة التكامل الإقتصادي الأفريقي

في إطار تجسيد التكامل الإقتصادي ، تتوجه الجزائر حاليا بثقلها الإقتصادي ، كقوة إقليمية نافذة إلى القارة الأفريقية . و هذا من أجل رفع مستوى مبيعاتها من المنتجات الزراعية ، و الصناعية المختلفة خارج المحروقات . لا يتأتى ذلك إلا بإنشاء مناطق تجارية حرة ، و تمكين المتعاملين الإقتصاديين الجزائريين من الإستثمار ، و المساهمة في التنمية الشاملة لأفريقيا في إطار سياسة NIPAD . لقد صار هذا ممكنا بعد فتح المعابر الحدودية مع دول الجوار: "مالي"  " النيجر"  "موريتانيا"  و "ليبيا" . و إطلاق عدة مشاريع ضخمة منها : مشروع الطريق العابر للصحراء الممتد بين "الجزائر" و "نيجيريا" و ست دول أفريقية أخرى . على طول 4500 كم . و مشروع "الجزائر" "موريتانيا" على طول 775 كم . و مشروع السكك الحديدية بين "النيجر" و "الجزائر" ، الذي لا زال في طور الدراسة . و مشروع خط أنابيب الناقلة للغاز النيجيري  نحو أوروبا عبر الجزائر . و خط الألياف البصرية الرابطة "الجزائر"  "بنيجيريا" .


هذا التوجه السياسي ، سيمكن الجزائر من الدخول بقوة في عمق أسواق العديد من دول أفريقيا ، منها على سبيل المثال : "مالي" و "النيجر" و "نيجيريا" و "بوركينا فاسو" و "تونس" و "التشاد" و البلدان المجاورة الأخرى ، التي يفوق عدد سكانها 700 مليون نسمة.  و من المتوقع سوف تنعش هذه المشاريع إقتصاديات دول منطقة الساحل ، و غرب أفريقيا على العموم . و تحقق رواجا للتجارة الجزائرية . خاصة بعد فتح ميناء "الحمدانية" في "شرشال" و ربطه بمشروع  "الحزام و الطريق"  الصيني . بعد كل هذه الجهود سيصبح جزء من أفريقيا ، منطقة عبور للسلع الأوروبية نحو أسواق الإقليم الأفريقي . و تُنقل في نفس الوقت ، المواد الأولية ، و المنتجات البيئة الإستوائية الأفريقية نحو أوروبا عبر الجزائر. و هذا في حد ذاته سيفك العزلة عن كثير من مناطق أفريقيا ، و سيعزز التجارة بين الشمال و الجنوب .        إنها الأرضية الصلبة التي ينسج على منالها التكامل الإقتصادي الأفريقي المنشود ، لاسيما بين الجزائر ، و منطقة الساحل ، و دول الغرب الأفريقي التي يمثل الناتج المحلي الإجمالي لها نسبة 27 %  من مجموع  25 % من السكان.                                         

إن المساعي الحثيثة التي ما فتئت تقوم بها الجزائر كما نلاحظ ، الغاية منها هي تحسين الظروف الأمنية و إستقرار أوضاع دول أفريقيا . و ذلك قصد بعث الحياة الإقتصادية ، و الإجتماعية فيها . و هي مساعي كما يراها حكام الجزائر تؤدي في الأخير إلى تقوية الوجود الجزائري في عمق القارة . و لكي تكون هذه المساعي ناجعة و مثمرة ، قامت الجزائر في السنوات الأخيرة بوضع الأطر التشريعية بمعية هذه الدول ، بغية تعميق أسس التعاملات التجارية داخل هذا الإقليم الواسع و خارجه .  و إزالة كل العوائق الجمروكية لتسهيل الأداء التجاري بينها ، و ضبط قيمة الضرائب و الرسوم المختلفة على السلع المتداولة بينها.


مصادر البحث :

  1. إدريس آيات . مركز الجزيرة للدراسات . تقرير 28 / 10 / 2021 .
  2. كلود جاماتيه : كتاب أفريقيا و المياه . 2014 .
  3. إسلام كعبش . سكاي نيوز عربي . تقرير 02 / 06 / 2021 .
  4. زين الدين زغيدة . جريدة المحور . تقرير . 03 / 02 / 2022 .
  5. جريرة الشروق الجزائرية . تقرير . 10 / 06 / 2021 .
  6. المركز العربي للبحوث و الدراسات . تقرير 11 / 12 / 2019 .

 



google-playkhamsatmostaqltradent