recent
أخبار ساخنة

رغبة ولاية تكساس الأمريكية في الإنفصال .

 



رغبة ولاية تكساس الأمريكية في الإنفصال .
Texas




دعوات الإنسحاب عن الإتحاد الفيديرالي الأمريكي 

تتعرض الولايات المتحدة الأمريكية اليوم إلى محاولات الإنقسام الحاد ، و إلى التهديد الخطير الذي يترصد وحدة ترابها .  إن هذا البلد كان يبدو متماسكا في الظاهر ، لكن في واقع الأمر ، أن بعض ولاياته في الجنوب ، و في الشمال تطالب بالإنفصال الفوري عن الإتحاد الفيديرالي . تتعالى هذه الدعوات بشكل لافت للأنظار من خلال الصحف العالمية ، و على منصات التواصل الإجتماعي ،  و ذلك بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي . لقد جرى إستطلاع للرأي العام الأمريكي فكانت النسبة 13،9 % من المواطنين يرغبون في الإنفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية .

لقد إختمرت فكرة الإنفصال في عقول الناس منذ أمد بعيد ، و في نضالات الكثير من الأحزاب ، و الحركات السياسية داخل أمريكا . طالب حزب "آلاسكا"  بعد تأسيسه سنة 1984 ميلادية بإستقلال تكساس ، و تقرير مصير شعبها. و ناشد المجتمع الدولي على تمكينه من ذلك في أقرب وقت . و يرى أن الولايات المتحدة إنتهكت مبادئ الأمم المتحدة ، و إستولت على مقاطعة "آلاسكا" ، و جزر هاواي عنوة بعد صفقة بيع تمت بين روسيا القيصرية و أمريكا .                      على هذا النهج ، طالبت حركة "نعم كاليفورنيا" إنفصالها عن أمريكا سنة 2019 ميلادية ، و تقرير مصير شعبها .        و من المعروف أن "كاليفورنيا" أنتزعت من "المكسيك" سنة 1847 ميلادية .                                                    كما نادت حركة "جمهورية باملتو الثالثة" بإنسحاب "كارولينا" من الإتحاد الأمريكي . و أهم من ذلك على الإطلاق ، حين جاهر عمدة "تكساس" "ريك بري" في حزبه بضرورة الإنفصال . 

 قال "ريك بري" : عند ما إنضمت "تكساس" إلى الولايات المتحدة سنة 1845 ميلادية ، كانت إحدى الشروط التي تم الإتفاق عليها ، أنه في أي وقت أردنا الإنفصال نستطيع أن نخرج من هذا الإتحاد .                                                 إن اليوم ترتفع أصوات الإنفصال على المستوى الشعبي كذلك و تتحين الفرص السانحة و الظروف المواتية لإفتكاكه بالطرق المشروعة .



نبذة تاريخية عن ولاية تكساس 

تعرضت تكساس للإستيطان Colony في إطار الإكتشافات الجغرافية سنة 1528 ميلادية  من قبل الإسبان الذين تغلغلوا في أراضيها الشاسعة إبتداءا من خليج "المكسيك".  ثم تضاعفت أعدادهم بحلول القرن الثامن عشر . كان أغلبهم من مهاجري القارة  الأوروبية . كان تكساس قبل ذلك موطنا للهنود من قبائل "الأباشي Apache"  و "الكومانش Comancheو غيرهم . بعد الإحتلال قام المهاجرون الأوروبيون بإبادتهم و تجريدهم من أراضيهم الخصبة ، و غاباتها و أوديتها . و ظلت تكساس مستوطنة أوروبية  كبيرة إلى غاية أن تم إلحاقها بالولايات المتحدة الأمريكية كما أوضحنا سابقا. 



موقع ولاية تكساس Texas

تقع تكساس  في القسم الجنوبي من الولايات المتحدة الأمريكية . تعتبر إحدى ولاياتها الخمسين . تتميز بشريط ساحلي في الجنوب الشرقي من خليج "المكسيك"  Gulf of Mexico . طوله 560 كم . تمتد حدودها مع دولة "المكسيك" بطول  3169 كم . لها حدود مع ولايات أخرى : ولاية "أوكلاهوما" في الشمال . ولاية "نيو مكسيكو" في الغرب ولاية "لويزانا" في الشرق و ولاية "أركانساس" في الشمال الشرقي . تحتوي على 254 مقاطعة ، فهي ثان أكبر ولاية في أمريكا بعد ولاية آلاسكا Alaska . تحتل مساحة 696241 كم مربع بنسبة 7 % من مجموع مساحة أمريكا .  يقدر عدد سكانها 28304596 نسمة . عاصمتها "أوستن" . من أهم مدنها : "هيوستن" ، "سانت أنطونيو" و "دلاس" .



الخصائص الطبيعية لتكساس 

تحتوي "تكساس" على خمس أقاليم تضاريسية : الإقليم المداري ، و يشمل سهل الخليج الساحلي .  يزرع فيه القطن و الحبوب . إقليم السهوب ، و هو سهول واسعة في المناطق الجبلية ، تقع على الساحل الغربي لإقليم الغابات . إقليم السهول الهضابية و هو منطقة زراعية . إقليم السهول الكبرى يقع إلى الغرب من السهول السهبية ، و يمتد إلى الشمال . إقليم الأحواض و الجبال في أقصى غرب البلاد ، و هو منطقة شبه جافة . تصلح لرعي الأبقار. يوجد بهذه الولاية ما يقرب خمسة و ثلاثين نهرا رئيسيا. النهر الرئيسي في ولاية "تكساس" : "ريو غراندي  Rio Grande" .  .  

مناخ "تكساس" قاري معتدل على العموم . يكون الشتاء فيه معتدلا ، و الصيف حارا . و الربيع و الخريف أكثر إعتدالا. تهب عليه رياخ الخليج الجنوبية الحارة و الرطبة . و رياح الشمال و الغرب الباردة ، التي تحدث المدى الحراري  الواسع . يصل معدل الأمطار السنوي  1300 مم في الشرق ، و ينخفض إلى أقل من 300 مم في بعض المناطق   الغربية . كما تتساقط الثلوج في المناطق العليا . و العكس على سواحل الخليج . 



الخصائص الإقتصادية لتكساس 

تتنوع في تكساس النشاطات الإقتصادية ، و الخدماتية ، ما جعل إجمالي الناتج المحلي فيها يساوي 1.43 تريليون دولار أي ما يعادل 8،5 % من إجمالي الناتج الوطني الأمريكي . يغلب النشاط الزراعي فيها على الأنشطة الأخرى ، نظرا الوفرة المياه . يبلغ إحتياطي النفط في هذه الولاية 9،614 مليار برميل . و هو ما يعادل 31،5 % من إجمالي إحتياطي الأمريكي  . لها ثروة من الغاز الطبيعي ، و من طاقة الرياح ، و من المعادن . و هو ما ساعدها على تطوير الصناعة البتروكيماوية . تتنوع المنتجات الصناعية من المواد الكيماوية ، وسائل النقل ، الأجهزة الإلكترونية حيث صارت رائدة في صناعة الحواسب . بالإضافة إلى إمتلاكها شبكة من الطرق ، و السكك الحديدة . يبلغ طولها أربعمائة ألف كم . إلى جانب 850 مطارا .  و أكثر من خمسين مطارا تجاريا و محطة فضائية. و 13 ميناء على خليج المكسيك . 



دعوات إنفصال تكساس عن أمريكا 

ظهرت رغبة الإنفصال لدي سكان تكساس من جديد ، و تبنها العديد من الحركات السياسية المحلية على خلفية تفشي العنف ، و رواج خطاب الكراهية  في المجتمع . ابرز أمثلة على ذلك الهجوم المسلح على مدرسة إبتدائية . إن هذه التصرفات غير الحضارية ، و غير المبررة من طرف دعاة العنصرية من أصل أوروبي ، جعلت بعض الأحزاب         و الحركات السياسية تتشجع للنضال بمطالبة الحكومة الفيديرالية بحقهم في الإنفصال . و ترى أن المخرج السلمي للإنفصال عن الولايات المتحدة ، هو إعتماد أسلوب الإستفتاء ، على غرار ما حدث في في بريطانيا . قرارها للخروج من الإتحاد الأوروبي سنة 2020 ميلادية . 

قال "دانيال ميلر"  رئيس حركة تكساس القومية : أن التصويت الذي قاده المواطنون في بريطانيا ، يمكن أن يكون نموذجا لتكساس . 



العوامل الموضوعية للإنفصال 

لو بحثنا عن رغبة سكان تكساس في الإنفصال عن الولايات المتحدة ، لوجدنا أن الأمر لم يعد مرتبطا بشمال و جنوب أمريكا ، أو بإختلاف أجناس سكانها من بيض و سود أو هنود . بل أكثر من هذا . فإلى جانب ذلك نجد عوامل سياسية و إقتصادية ، و قومية يعمل بقوة على خيار الإنسحاب.  


في الشق السياسي

 يعتقد الأمريكيون في تكساس ، أن العيش في الولاية لم يعد ممكنا في ظل الصراعات العدائية بين الديمقراطيين و الجمهوريين . بحيث كل حزب لا يعتبر الطرف الآخر خصم سياسي عادي ، بل عدو يجب القضاء عليه. و بالتالي أصبحت الحياة السياسية مضطربة ، و مختلة لا تواكب إحتياجات و تطلعات السكان . و تزداد الدعوى إلى الإنفصال إلحاحا و شدة ، كلما وصل الحزب الديموقراطي إلى البيت الأبيض ، فهي فرصة بالنسبة لهم للضغط على الحاكم كي يلتفت إلى ملف الإنفصال .


في الشق الإقتصادي

يؤمن سكان تكساس ، أن الحكومة الفيديرالية هضمت حق الولاية في التمتع بمواردها الطبيعية. لاسيما الطاقة النفطية ، التي تجعل منها أقوى دولة ذات سيادة ، و أكبر 10 إقتصاديات في العالم بقدرة 1،6 تريلوين دولار سنويا. و هذا ما يخوّلها حسبهم تولي أمورها بنفسها . لكن هذه الولاية ظلت تتحمل جزءا كبيرا من تداعيات الأزمة الإقتصادية ، و إلرتفاع مستوى التضخم في أمريكا. 


في الشق القومي

أن الكثير من الكتاب ، و المؤرخين في أمريكا يرون أن موضوع تفكك الولايات المتحدة ، التي تأسست في نهاية القرن الثامن عشر على يد "جورج واشنطن" سنة 1789 ميلادية ، هو حتمية تاريخية لا مهرب منها. و الدليل المنطقي لديهم في هذه المسألة ، هو أن الولايات المتحدة ليست أمة عريقة ، و لا هوية لها ، و لا جذور تاريخية ضاربة في عمق الماضي الإنساني،  و لا شعب متماسك تجمع بين أجناسه العديدة الوشائج الوطنية . 



صعوبة تحقيق مطالب الإنفصال 

إن مسألة الإنفصال تبدو صعبة المنال في الظروف الحالية ، رغم تزايد الحديث عنها في تكساس.  إنها تحتاج الكثير من التضحيات ، و النضال السياسي من النخبة المحلية . ترى الولايات المتحدة أن مطلب إنفصال تكساس ، و رغبة السكان في تحقيقه ، هو دعوة إلى تفككها ، كونها تغري الكثير من ولاياتها . مثل "فرجينيا" و "آلاسكا". و هي عامل يشجع على التطرف و الصراع المسلح ، و قد يدي إلى حروب أهلية . خاصة أن العصر هو عصر التسلح . إن هذا ما يفقدها الهيمنة و إستقطاب العالم ..

يقول مدير الدراسات الدستورية في جامعة "أوستن" : إن الحديث عن إنفصال تكساس هو موقف سياسي لا غير ، ليس إقتراح جاد و حقيقي . يمكن لتكساس إعلان إستقلالها اليوم إذا أرادت ذلك ، لكن هذا يعني الحرب .

يدرك المجتمع في هذه الولاية ، أن الإنسحاب من الإتحاد الفيديرالي ضرورة ملحة تقتضيها التحولات الكبرى التي بدأت تظهر في النظام العالمي . رغم التعقيدات التي سوف تواجههم إذا ما تجسدت هذه الرغبة : كقضية العملة المالية ، و الدفاع ، و النقل ، و صياغة الدستور ، و غير ذلك . فإن النضال مستمر إلى غاية الإستفتاء.



مصادر البحث : 

قناة الجزيرة تقرير : 01 / 11 / 2015 .

جريدة أرابيسك تقرير : 25 / 06 / 2016 .

الميادين نت تقرير : 21 / 06 / 2022 .

سبوتنيك عربي تقرير:  08 / 05 / 2015 .

الكاتبة سناء دويكات تقرير: 07 / 05 / 2018 .

الترا صوت خالد الشريف تقرير: 01 / 07 / 2017 .



google-playkhamsatmostaqltradent