recent
أخبار ساخنة

الكتاب المقدس . القرآن الكريم


الكتاب المقدس . القرآن الكريم
 القرآن الكريم 



 القرآن الكريم .  The Holy Quran


لدى مسلمي العالم اليوم في سائر القارات كتاب سماوي مقدس هو القرآن الكريم The Holy Quran . إنه مقيد في الصحف الشريف باللغة العربية الفصحى البليغة . القرآن الكريم هو كتاب الله المقدس الذي أنزلت آياته المحكمة على محمد رسول الله (ص)  بواسطة جبريل عليه السلام ، منذ أربعة عشر قرنا خلت من الزمان . للقرآن الكريم أسماء معروفة وردت في بعض الآيات و هي : الذكر ، و الفرقان ، و النور ، و التنزيل ، والكتاب. 


أنزل القرآن الكريم في البداية جملة واحدة من اللوح المحفوظ ، و هو العالم العلوي ، إلى بيت العزة في ليلة القدر،  خلال شهر رمضان الفضيل . ثم من بيت العزة إلى السماء الدنيا . ليتلقاه أخيرا النبي محمد الكريم (ص) منجما  خلال ثلاث و عشرين سنة . فالقرآن الكريم لم يكن تنزيله دفعة واحدة على قلب النبي كما حدث تنزيل الكتب السماوية الأخرى كالتوراة و الإنجيل ، و الزبور على أنبياء الله من قبل  . لقد أنزل متفرقا على رسول الله  محمد (ص) حسب ما تقتضيه الظروف و المناسبات ، و أحوال الناس . 

 

قال الله تعالى : الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . 1 . 


إقتضت حكمة الله أن يتلقى الرسول محمد (ص) القرآن الكريم متفرقا كما ذكرنا . و ذلك لتثبيت قلبه و تقوية إرادته  على مواجهة المحن و المشاق و المصاعب التي كانت  تعترضه أثناء الدعوة ، و ليتصدى كذلك لأسئلة الكفار و المشركين التعجيزية .                                

قال الله تعالى:  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً . 2.

 

بالإضافة إلى ذلك فإنه أنزل بهذه الطريقة ، ليحل مختلف مشاكل المسلمين التي كانت تطرأ على حياتهم الدينية ، من حين إلى حين . و ليتعهدهم بالتربية السوية على النهج الإسلامي .  تولى جبريل عليه السلام مهمة تبليغ رسول الله محمد (ص) بآيات ربه الكريم بكيفية خفية و سريعة في مكة و في المدينة المنورة . عرفت هذه الظاهرة الدينية بالوحي المبارك. 


عصمة القرآن من التحريف  


كانت آيات الذكر الحكيم بعيدة كل البعد عن التحريف ، و الأقلام العابثة من طرف المدلسين من العرب ، و غيرهم من العجم . و قبل هذا نال التحريف بشكل واسع الكتب المقدسة من قبل الأحبار ، و الرهبان ، وبالتالي تعددت أسفار التوراة ، و الإنجيل ، و تباينت نصوصهما ، و إبتعدت كثيرا عن تعاليم الرب المقدسة .  


   من أساليب صيانة القرآن الكريم ، القدرة على الحفظ . كان رسول الله محمد (ص) ، و الصحابة أمهر الناس في حفظ القرآن الكريم  ، لقوة ذاكرتهم ، و مداومة تلاوته  في صلاتهم ، و حرصهم الشديد في تطبيقه على تصرفاتهم ، و معاملاتهم اليومية . و شوقهم في الثواب . كما كان  النبي الكريم أكثر إصرارا ، و إلحاحا على تعليمه ، و الحث على تعلمه  . 


قال رسول الله محمد (ص) لأصحابه خذوا القرآن من أربعة : من "عبد الله بن مسعود" و "سالم" و "معاذ" و "أبي بن كعب"  . 


في عهده جمعت نسخ التنزيل الحكيم . و كتب المصحف الشريف تحت إشرافه الدائم و بعناية فائقة  و كانت الكتابة من قبل خمسة و عشرين كاتبا للوحي .لا نتصور أن النصوص القرآنية عند جمعها ، و نسخها في مصحف واحد ، كانت أيسر على المأمورين بذلك . بل ظلوا يجتهدون في جمع و تدوين آيات القرآن  فور نزولها ، وفق تعليمات رسول الله محمد (ص) الدقيقة . كانت هذه الآيات مقيدة في الرقاع ، و الأكتاف ، و العسب ، و اللخاف ، و الأقتاب . فاستوجب علىكتاب الوحي جمعها ، و ترتيبها كما أمر النبي الكريم ، و كما تلقاها من جبريل عليه السلام .     

                                                                               

 فبعد حفظ القرآن الكريم في الصدور كما نعلم ، إقتضت الضرورة بعد ذلك القيام بتدوينه في مصحف واحد ، ليصبح المرجعية الأصلية للمسلمين قاطبة . تواصلت عمليات تدوين الكتاب بعد وفاة الرسول الكريم و لم تنقطع . ففي عهد "أبي بكر الصديق"  ، زاد الإهتمام أكثر بنسخ القرآن  و كان ذلك بعد حرب الردة "باليمامة" ، التي إستشهد فيها الكثير من كتبة الوحي . لقد إستمرت هذه العملية سنة كاملة بعد وفاة الصديق . ثم بلغ الإهتمام بنسخ الكتاب ذروته أيام الخليفة "عثمان بن عفان" . فنسخ القرآن الكريم مرة أخرى خوفا من إختلاف المسلمين عليه مثل اليهود ، و النصارى الذين إختلفوا في دينهم إختلافا بعيد .  


تم تدوين الكتاب المبارك إلى عدة نسخ طبقا للنسخة الأصلية التي كانت بحوزة "حفصة" . سهر على عملية التدوين كتبة مهرة منهم "زيد بن ثابت" و  "عبد الله بن زبير" و "سعيد بن العاص" و "عبد الرحمن بن الحارث" . كان عدد الكتب المستنسخة خمسة ، بالإضافة إلى المصحف الأصلي . وجهت هذه النسخ إلى الأمصار التي صارت ضمن المجتمع الإسلامي الكبير ، و أصبحت تعيش تحت حمايته . رافق "زيد بن ثابت"  المصحف المدني و رافق "عبد الله بن السائب" المصحف المكي أما "المغيرة بن شهاب" أصبح مقرئ المصحف الشامي و "أبو عبدالرحمن السلمي" مقرئ المصحف الكوفي و "عامر بن عبد القيس" صار مقرئ المصحف البصري . بعد تنفيذ هذه التدابير القويمة أمر الخليفة بحرق المصاحف الأخرى . بهذه الطريقة أصبح كتاب الله في عصمة من التحريف ، و التدجيل ، و في مأمن من الأغراض الخبيثة .       

                                                                                                                                    

كان للقرآن الكريم رسم واحد يسمى رسم المصحف ، و لا يجوز تغييره ، أو تبديله ، و هو طريقة الكتابة التي قام الرسول بإملائها على الكتبة بعد ما سمعها من الوحي . نلاحظ أن رسول الله محمد (ص) كان حريصا على حماية الكتاب الحكيم من التحريف ، و كذا خلفاؤه ، و علماء المسلمين فيما بعد . كون هذا الدين سيتعدى حدود الحجاز إلى أمصار شتى من المعمورة . إنه دين  جامع الأديان جاء للعالمين .    و لم يقتصر على العرب فقط . عكس كتاب التوراة و أسفارها التي خص الله بها قوم بني إسرائيل دون سواهم . و كتاب الإنجيل الذي جاء بعد التوراة و كان رسالة جديدة لبني إسرائيل . إلا أنه تعرض للتغيير ،و التبديل ، و الإضافة ليصير زورا دين أقطار الغرب ، و ما سواها من البلدان التابعة لها و المتأثرة بها منذ عهد قسطنطين الأول . 


يقول الله تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .3. 

 يقول "مايكل هارت Michael Hart : لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملا دون تحوير سوى القرآن . إنتهى النص.4.  



يسر ترجمة القرآن إلى لغات الغير 


إن إنتشار الإسلام بين الأمم و الشعوب التي تختلف في اللغات و الثقافات مع العرب ، أوجب على علماء المسلمين و دعاتهم ترجمة القرآن الكريم إلى لغات هذه الأقوام خاصة إلى لغات الغرب الأوروبي . ليتسنى لها معرفة معانيه و الوقوف على أحكامه و شريعته . فكانت ترجمة الكتاب الكريم The Holy Quran ضرورة ملحة لدفع الإسلام إلى العالمية ، و الشمولية ، و لهداية البشرية  في أقطار العالم كله. تقتضي ترجمة الكتاب الكريم مهارة كبيرة جدا و إلماما تاما بالثقافة العربية ، و علومها المختلفة ، و بالغات الأجنبية و خفاياها . لأن الأمر يتعلق بالترجمة التفسيرية ، لا بالترجمة الحرفية . إن الإجتهاد في شرح معاني القرآن الكريم بلغات الآخرين بطريقة صحيحة ، هي القدرة على تقريب معاني القرآن إلى أذهان الناس مع دقة إختيار الألفاظ المناسبة ، التي تحمي هذه المعاني من التشويه ، و الإلتباس  ، و الإبهام و تجنيب نصوص الكتاب من التحريف  .


 تقول "آنا ماري شميل"  Annemarie Schimmel  : القرآن الكريم هو كلمة الله موحاة بلسان عربي مبين ، و ترجمته لن تتجاوز المستوى السطحي . من ذا الذي يستطيع تصوير جمال كلمة الله بأي لغة . إنتهى النص .


إن ترجمة القرآن الكريم هي خاصية لا تتوفر لكل الكتب المقدسة ، بل إن الذكر الحكيم من خصائصه القدرة على التكيف بكل يسر مع سائر الأحوال الفكرية ، و المعرفية ، و العلمية ، و الإجتماعية التي عاشتها الأقوام في مختلف البلدان ، عبر حقب التاريخ الطويل . و ما زال للقرآن الكريم القدرة الهائلة على التكيف مع سائر ظروف البشر اليوم . و هذا ما يجعلنا نقر جازمين أن هذا الكتاب هو كلام الله الذي لا يفنى بفناء الناس . وعلى النفيض من ذلك نرى أن الكنيسة الكاثوليكية تمنع المسيحيين ترجمة "الإنجيل"  ، أو تفسيره مهما كانت درجة معرفتهم . و من تجرأ منهم على فعل ذلك فقد إرتكب إثما كبيرا  في نظرها و يجب التوبة منه. إن ترجمة "الإنجيل" جعلتها الكنيسة من إختصاص البابا فقظ ، و من صلاحيته .  إنه هو  الشخص الوحيد المخول لذلك لا غير .  و لأن المجمع المسكوني الكاثوليكي أقر بعصمته من الخطأ ، و الزلل منذ أمد . بيد إن سبب وقوف الكنيسة حجرة عثر  حسب رأينا أمام الشغوفين من الباحثين بترجمته هو قطع السبيل و منع كل فرصة أمامهم كي لا يتم إكتشافهم حقيقة تناقضاته الرهيبة ، مع فطرة الإنسان ، و مع معارفه الإنسانية و العلمية العديدة . 

  

يقول "موريس بوكاي   Maurice Bucaille : إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه نصوص القرآن لأول مرة . هو ثراء الموضوعات العلمية المعالجة . و على حين نجد في التوراة الحالية أخطاء علمية ضخمة . لا نكشف في القرآن أي خطأ و لو كان قائل القرآن إنسانا فكيف يستطيع في القرن السابع أن يكتب حقائق لا تنتمي إلى عصره ليس هناك تفسير وضعي لمصدر القرآن . إنتهى النص . 7.


 إنفراد القرآن بخصائص كثيرة 


المصحف الشريف كما ذكرنا هو كتاب المسلمين المقدس ، الذي يضم بين دفتيه آيات القرآن الكريم . أي كلام الله المبين الذي أوحي به إلى رسول الله (ص) . هذا الكتاب  الكريم يحتوي على ستين حزبا. تضم مجتمعة  مائة و أربع عشرة  سورة قرآنية .  و عدد آيات هذه السور  6348 آية . إنه مدون باللغة العربية  الفصحى لغة الوحي  تماما و التدوين .      و لم يدون بلغة قريش فقط . و هي كما نعلم أقوى لغات العرب .  اللغة العربية أو اللغة الفصحى  هي لغات القبائل العربية جمعاء التي سكنت الجزيرة . و هي : لغة "قريش" و لغة "هذيل" و "كنانة" و "حمير" و "جرهم" و "تميم" و "قيس" "عيلان" و "خثعم" و "أزد" و "مدين" و "غسان" و" طي" و "مذحج"  و "بنو حنيفة" و "حضرموت" "خزاعة"       و "عامر" "لخم" و "كندة" و "العمالقة" و "سعد" و "سدوس" . لقد وردت في الكتاب الكريم مفردات عربية بشكل كبير لهذه القبائل ، و لذا فإن القرآن الكريم أنزل على النبي الكريم بلغة قومه و هم  عرب الجزيرة كلها .    

                                                                                                                     

قال الله تعالى :وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . 6.     


بالإضافة إلى ذلك فإن للقرآن الكريم قراءات مشهورة ، ظهرت في القرنيين الأولين للهجرة على يد "إبن مجاهد" المتوفى سنة 324 هجرية . و يسمى "موسى بن العباس" . لقد خصص لها كتابا معروفا في أوساط الأئمة ، و العلماء هو القراءات السبع . و هي سبع قراءات و أضيفت لها قراءات ثلاث أخرى . تعدد هذه القراءات دليل على تعدد و تنوع أوجه نطق كلمات القرآن الكريم . و هي : قراءة "نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم" و المشهورة "بورش" و "قالون" . و قراءة "عبد الله بن كثير الداري" و المشهورة طبالقنبل" و "بزي"  . و قراءة "أبي عمرو بن العلاء" و المشهورة "بالسوسي" . و قراءة "عبد الله بن عامر اليحصبي" . و "عاصم بن أبي نجود الأسدي" المشهورة "بحفص". و "حمزة بن حبيب الزيات" . و إلى جانب ذلك هناك قراءة "أبي جعفر بن يزيد القعقاع" . و "يعقوب بن إسحاق الحضرمي" . و "خلف بن هشام" . هذه القراءات تمكن الأئمة من ضبط نطق كلمات القرآن بالشكل الصحيح ، و السليم عند التلاوته ليصل إلى  مطابقة كلام القرآن الأصلي كما أنزل . إن حرمة هذا الكتاب تصل عند المسلمين إلى درجة التقديس . فيحرم تدنيس ، أو بيعه أو شراؤه ، أو العبث به مطلقا.      

                                                                                  

يحتوي كتاب القرآن الكريم و المقدس كذلك على علوم عديدة ، سميت بعلوم القرآن منها : علوم الشرع ، و العقيدة ، و الأخلاق ، و هي علوم تستنبط من القرآن نفسه . و هي الأصل في ديانة المسلمين . بالإضافة إلى علوم التفسير ، و علوم القراءات ، و الإعجاز القرآني ، و علوم اللغة ، و البلاغة و المعارف العامة حول الإنسان ،و الطبيعة و الكون .


القرآن يخيف الغرب المسيحي 


 تجلت مخاوف الغرب من القرآن الكريم ، منذ أمد و من خلال عديد الترجمات الأوربية التي وصلت إلى ستمائة و خمسين ترجمة في إحدى و عشرين لغة أهمها : "الفرنسية" "الإنجليزية" "الألمانية" "الروسية"  "الإسبانية"  "البرتغالية" و غير ذلك . و هذا على إثر إنتشار الديانة الإسلامية في قارات العالم ، و إنحصار المسيحية ، و تقلص نسبتها بعد ظهور العلمانية ، في دول اوروبا ن و أمريكا و دول حديثة الإستقلال .


نشأت حركة ترجمة القرآن الكريم بداية من الكنائس الفرنسية  في سنة 1143 ميلادية. ثم توالت بعد ذلك هذه الحركة إلى سنة 1698 ميلادية على يد الكثير من عناصر الطبقة المثقفة من رجال الدين ، و رهبان الكنائس أمثال : "بطرس الموقر" الذي أمر عدة رهبان بترجمة القرآن الكريم . كما قام الكثير من المسيحيين ، و اليهود معا بهذه المهمة . كونهم من المثقفين الذين عاشوا مع العرب في المشرق ، و الأندلس ، و دارسوا في جامعاتهم ، و أتقنوا  لغتهم  العربية .         هذا التلهف إلى ترجمة القرآن الكريم ليس أمينا و لا نزيها . بل كان موجها من قبل الكنيسة المسيحية بغية تحريفه و تشويهه ، و إضعاف تأثيره على الناس . بالتالي الوصول إلى تجسيد نوايا خبيثة ، و غايات ليست نظيفة أبدا .                          

لقد عرف القرن الحادي عشر ، و الثاني عشر ، ظهور أول ترجمة لاتينية كاملة على يد "روبرت أوف" أنجليزي الأصل و "هرمان الدلماطي" من كنيسة دلماطيا 1143 ميلادية سنة . طبعت هذه الترجمة التي كانت على شكل مخطوطة في مدينة "بازل" سنة 1553 ميلادية . ثم نشر من قبل الكنيسة في "زيورخ" السويسرية .                                                                                                                                 

في القرن السابع عشر ، أي في الفترة الحديثة ، تواصلت ترجمة القرآن الكريم . بيد أن الذين حملوا هموم الترجمة هذه المرة هم المستشرقون الذين مكنهم الإستعمار من التصرف في رصيد التراث الإسلامي . و الإطلاع على الكثير من المخطوطات و المؤلفات الإسلامية . و الوقوف على حقيقة الدين الإسلامي عن كثب . و رغم ذلك ظلت ترجمة الكتاب الكريم بعيدة جدا عن الموضوعية ، و الجدية. بل صارت مصطنعة حسب توجهاتهم الفلسفية ، و تصوراتهم الدينية الحاقدة على هذا الكتاب ، و على الإسلام نفسه. و بالتالي ظلت الترجمات الغربية الحالية للكتاب الكريم  مشوهة و مزيفة إلى أقصى حد .                 

                                                            

في هذا الصدد ، قام المستشرق "لود فيجو ماراشي"  بمواصلة ترجنة القرآن الكريم إلى اللاتينية و كان ذلك سنة 1683 ميلادية . لقد أقحم هذا المستشرق عدة إقتباسات عديمة المصادر في ترجمة القرآن الكريم ليعطي للأوروبيين أبخس إنطباع على عقيدة الإسلام ككل . ثم تلت هذه الترجمة ترجمات غربية كثيرة و هي : الترجمة الإيطاليا القديمة سنة 1547 ميلادية على يد "أندريا أريفابيني" . الترجمة الألمانية سنة 1616 ميلادية  على يد "سلمون شفايجر" الذي إعتمد في إنجازها على مصدر الترجمة الإيطالية . الترجمة الفرنسية التي تمت سنة 1647 ميلادية  على يد "أندريه دي ريو" الذي لم يعتمد على أية ترجمة سابقة ، فأنجزها بصفة قبيحة جدا. الترجمة الإنجليزية التي نقلت عن النسخة الفرنسية سنة   1718 ميلادية ، و كانت على يد "ألكسندر روز و تيلور" . سميت هذه الطبعة بقرآن محمد . هذه هي الترجمات التي كان الغرض منها هو تحييد القرآن الكريم عن معانيه الحقيقية و الثابتة . ليصبح كتابا لا معنى له .      

                                                                     

لقد شهد التاريخ الإنساني في الآونة المعاصرة ، تنامي الحقد الغربي بوتيرة أسرع ، و ذلك من خلال هذه الترجمات المتعددة و المتنوعة .   و مرجع هذه القفزة الهائلة و الهجمة الشرسة في هذا المجال  ، تتجلى في تدخل الأنظمة السياسية للدول الغربية في هذه المسألة . التخطيط لترجمة الكتاب الكريم بكيفية ممنهجة تفي في تحقيق الأغراض الإستعمارية المسطرة لديها.  و ما زاد المفكرين المسلمين يقينا ، و تأكيدا بأن الترجمات الغربية ليست بريئة . و ليس الدافع هو الشغف في الدراسة ، و الإطلاع على ثقافات ، و ديانات الآخرين . بل أن ما لاحظه هؤلاء المفكرين العرب أن معظم المستشرقين الأوروبيين المختصين في الترجمة ، كانت لهم مناصب عالية و مؤثرة في الإدارات الرسمية لصالح بلدانهم في شتى المجالات  السياسة ، و الديبلوماسية ، و الإستخبارات  لدى الأقطار الإسلامية . بصفة سفراء ،و قناصلة ، و ملحقين عسكريين ، و بعثات ديبلوماسية . و كان من واجبهم محاولة إضعاف تعلق المسلمين بكتابهم المقدس . و من جهة أخرى فإن المؤسسات ، و المعاهد ، و مراكز البحث و الدراسة ن و دور النسخ الغربية ، كونت بنجاح لدى النخب المفكرة  ثقافة معادية تماما للقرآن الكريم The Holy Quran  . و تم تنفيذ هذا المشروع الثقافي في المجتمعات الأوروبية بتجنيد رجال التعليم و الإعلام ، و المنظمات ذات الطابع الثقافي . 



  1. سورة هود . الآية 1.
  2.  سورة الإسراء الآية 85 .    
  3.  سورة البقرة الآية .    
  4. مايكل هارت : شخصية أمريكية يهودية . عالم فزيائي و فلكي . ولد سنة 1932 ملادية .
  5. آنا ماري شيمل : مستشرقة ألمانية مشهورة ولدت في سنة 1922ـ 2003 ميلادية . تجيموريس بوكاي : طبيب و جراح فرنسي . إعتنق الإسلام ولد سنة 1920 ـ 1998ميلادية .              


google-playkhamsatmostaqltradent