recent
أخبار ساخنة

هيمنة الاتحاد السوفياتي 1917


هيمنة الاتحاد السوفياتي 1917
الاتحاد السوفياتي 1917




الإعلام و الحرب في دولة أوكرانيا


في هذه الأيام ،يجد المرء نفسه أينما كان، مذهولا مدهوشا . لا يقوى على التحكم في تفكيره ، و لا على التركيز، فيما يشاهده و يقرأه عبر منصات التواصل الإجتماعي المتنوعة ، و القنوات التلفزيونية العالمية، و الصحف الدولية، من أخبار و مواضيع سياسية تتصدرها الحرب في دولة "أوكرانيا Ukraine". و أمام غزارة المعلومات الإخبارية التي يتلقاها في بيته، أو في فترات إستراحته عن أحداث هذه الحرب، و هول ما يُنتظر منها. يظل فهمه قاصرا لتضاربها و تباينها، و تحليلُه لها يبقى منقوصا من المنطق، و التقييم الموضوعي لها. و قد يجازف بحكمه على هذه الحرب، فيناصر دولة أوكرانيا مثلا، و يقف مع ساساتها، كون أنها ضحية وقعت بين جبروت روسيا الإتحادية، و خذلان دول أوروبا الغربية. و قد يقف في صف روسيا، كون أن هذه الجمهورية، كانت تابعة لها، أيام الإتحاد السوفياتي،  وبعد إنهياره أغتصبت منها عنوة من قبل الحلف الأطلسي الغربي .


و على هذا الأساس، نلاحظ أن الإعلام الرسمي لدول العالم، و ما يتبعها من هيئات إستخبارتية و منظمات حكومية و غيرها، يتدخل في مثل هذه الظروف بقوة، ليزكي من خلال هذه الوسائل المطبوعة أو المرئية، معسكرا على حساب معسكر آخر. و يبدو أن هذا الترتيب يكون دائما تحت ضغط المصالح السياسية، و الإقتصادية، و سياسات التكتلات الإقليمية . و بالتالي فإن المعلومات و التحاليل السياسية لا تصل بريئة إلى المشاهدين، و القراء على السواء. بل تُصْطَنَعُ في مخابر الإعلام وفق تعليمات محددة معظمها سرية، بغية تشكيل رأي عام دولي  "opinion international " مناصر أومعارض وفق ما تقتضيه نوايا و غايات و منافع هذه الدول من هذه الحرب .

الناس اليوم صاروا  ضحايا توجيه الإعلام لهم، و تحكمه في رؤاهم و مواقفهم على إختلاف لغاتهم، و ثقافتهم و مستوياتهم المعرفية، من غير حول منهم، و لا قوة و لا دراية. 

 أمام هذا الوضع العالمي المتدهور و المتأزم جدا من العلاقات الروسية  بدول الغرب، نعتبر أنفسنا محل مناصرة الحقيقة التاريخية و الدفاع عنها بكل وضوح و إخلاص و وفاء و أمانة علمية، لتوضيح قدر الإمكان الجذور التاريخية لهذه المأساة، التي لا يتجرع مرارتها، و لا يتحمل عواقبها في الأخير، إلا الشعوب وحدها، و الشعب الأوكراني على الخصوص.

لكي نكون جادين في إعادة ترتيب وثائق  الصراع بين روسيا و الغرب، حسب منطق التاريخ و تسلسله. و ننقل  قدر الإمكان مسار مأساة الدولة الأوكرانية، جراء هذا الصراع. علينا أن نبسط شيئا من تاريخ الروس الذي لا زال قلقا من سياسة الغرب و نوايا حلفها إلى اليوم .


ملامح البناء السياسي للإتحاد السوفياتي :   


ظهر الإتحاد السوفياتي كدولة شيوعية قوية منذ عام 1917 ميلادية، على إثر سقوط الدولة القيصرية. لم تصمد  الدولة الروسية  القيصرية آنذاك طويلا أمام الثورة البلشفية، التي قادها "فلاديمير لينين" . و كان العامل الأساسي في سقوطها، كثرة الأزمات  الموروثة عن مشاركتها في الحرب العالمية الأولى سنة 1918 ميلادية. بعد نجاح الثورة العالمية البلشفية  إتسعت حدود الإتحاد السوفياتي، لتضم خمس عشرة جمهورية. و بالتالي أصبح أعظم دولة مهيمنة في العالم، في القرن العشرين، بعد الولايات المتحدة الأمريكية.


في سنة 1922 ميلادية أُعْلِنَ بصفة رسمية قيام إتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفياتية، الذي كان يضم وقتذاك كل من  جمهورية روسيا الإتحادية، و جمهورية بيلاروسيا، و جمهورية أذربيجان، جمهورية أرمينية، و جمهورية جورجيا، و جمهورية "أوكرانيا"، و غير ذلك . أُخْتِيرَتْ في نفس السنة مدينة "موسكو" عاصمة لهذا الإتحاد عوضا عن مدينة "بتروغراد". لقد نال الإتحاد السوفياتي بعد هذا الكفاح، إعتراف دول الغرب المتقدمة، و أمريكا بالجمهوريات التابعة له، بما فيها "جمهورية أوكرانيا سنة 1922ـ 1933" ميلادية. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل صار الإتحاد السوفياتي عضوا في عصبة الأمم سنة 1934 ميلادية، و عضوا مؤسسا لهيئة الأمم المتحدة فيما بعد، و كان له حق المعارضة في مجلس الأمن الدولي التابع لها. 


قوة الإتحاد السوفياتي العسكرية و اإقتصادية بإجاز:


تولى الحكم بعد وفاة الزعيم الروسي "لينين" 1924  ميلادية "جوزيف ستالين" الذي إعتمد على سياسة التخطيط الإقتصادي و إنجاز المنشآت الصناعية الضخمة ، و إلغاء الملكية الخاصة، و فرض الشيوعية على الجميع، رغم المعارضة التي كان يواجهها من داخل حزبه. إنه إستطاع بالفعل تحمل مسؤوليات ضخمة جدا في سبيل تشييد هذا الإتحاد الشيوعي، الذي إكتسح مساحة قدرت في ذلك الوقت بما يفوق 22 مليون كلم مربع، تقطنه عدة قوميات و أجناس.  كان عليه كذلك بذل كل ما في وسعه، ليصل بالنموالعسكري و الإقتصادي إلى مستوى الذروة. و هذا قصد حماية هذه الأراضي الشاسعة من الأعداء المتواجدين على حدودها و المتربصين بنظامها الشيوعي في كل حين. و نقصد بالقول دول الغرب الرأسمالي. كما واصل  رفع من مستوى معيشة الروس و ترقية حياتهم الإجتماعية و الثقافية كي يحافظ على  تماسك النسيج الإجتماعي المتعدد القوميات.  

لقد تجلت فعلا جهود ساسة الأتحاد السوفياتي في رفع القدرة العسكرية العددية للجيش إلى 3،4 مليون جندي . و عدد الجيش الإحتياطي إلى 5،2 مليون جندي . أما جهاز المخابرات التابع للوزارة الداخلية   "K.G.B"  قدرت عناصره 570 ألف فرد. أما في ميدان الصناعة ، أخذ إنتاج الطاقة نسبة 20 % من النفط. و إستولى الإنتاج الوطني من الصناعة على نسبة 70% . أما الصناعة الثقيلة وصل إنتاجها إلى نسبة 75 %

تابعت دول الغرب نمو الإتحاد السوفياتي العسكري،  و الإقتصادي بشيء من الريب و الحذر، خاصة بعد إنضمام جمهوريات أخرى إليه، منها على سبيل الحصر : جمهورية "إيستونيا" ، و جمهورية "ليتوانيا" ، و "مولدافيا" و غير ذلك بين سنة 1924 ـ 1940 ميلادية .   

                                                                                           

 الإتحاد السوفياتي و الحرب العالمية الثانية:


حاول الإتحاد السوفياتي بقيادة "ستالين" تحسين العلاقات السياسية، و الإقتصادية مع "أدولف هتلر" بمعاهدة عدم الإعتداء سنة 1939 ميلادية. بيد أن زعيم النازية لم يجد مانعا من إنتهاك هذه المعاهدة ، فغزا السوفيات سنة 1941 ميلادية. تحمل الروس على إثر هذا الغزو  خسائر و تداعيات خطيرة جدا على الدولة،  و المجتمع مدة أربع سنوات كاملة. لقد فقد فيها الروس حوالي 10 % من سكانه و 70 % من المنشآت الصناعية و 50 % من الممتلكات العقارية. رغم النتائج الوخيمة هذه ، فإن الجيش الروسي إنتصر على الألمان في معركة تاريخية، و هي معركة "ستالينغراد" سنة 1943 ميلادية . كما إسترجع كافة أراضيه المحتلة سنة 1944 ميلادية، بما فيها الجمهوريات الغربية للسوفيات. و إحتلّ الجيش الأحمر السوفياتي "برلين" سنة 1945 ميلادية.


صار الوضع الجيوسياسي و الأمني الذي فرضتهما الحرب، غير طبيعي في نظر دول الغرب  . فسارعت إلى عقد "مؤتمريالطا" سنة 1945 ميلادية لتنظيم خريطة العالم،  و تحديد مصيره .  حضر مؤتمر "يالطا" زعماء الغرب، و روسيا :" ستالين"، "تشرشل" "روزفلت". و من أهم  ما تولد عنه: تقسيم "ألمانيا"، و محاكمة النازيين.


لم يوفر هذا المؤتمر للغرب الأرتياح الكامل أمام عدو رافقهم في الحرب العالمية الثانية، و شاطرهم خسائرها. إنه  الإتحاد السوفياتي، الذي بادر جيشه الأحمر بإجتياح المزيد من دول أوروبا الشرقية سنة 1948 ميلادية،  و نشر الشيوعية فيها مثل : "تشيكوسلوفاكيا" "يوغوسلافيا" "رومانيا" "بولندا" و غيرهم.

إنها بوادر الحرب الباردة بكل بساطة، التي بدت للجميع من خلال تنافس الدول العظمى روسيا و أمريكا على نشر إديولوجيتهما  الشيوعية و الرأسمالية على العالم بكل إصرار ، ولو أدى ذلك، إلى  السباق الحاد نحو التسلح ، و التفنن في صناعة أسلحة الدمار الشامل.   


مصادر البحث :


  1. تقرير أولغا إيفشينا و كاترينا خينكولوف. في تاريخ 25 /12/ 2021 ميلادية .
  2. تقرير قناة الجزيرة 19/10/1916.
  3. أحمد برقاوي . 23/03 1919.

 








google-playkhamsatmostaqltradent