recent
أخبار ساخنة

ملف تايوان المعقد

 



ملف تايوان المعقد





بداية الصراع بين الصين و تايوان 

ظلت مسألة تايوان تتعقد خلال السنوات منذ 1949 ميلادية ، و هي السنة التي دخل فيها القائد الشيوعي "ماو تسي تونغ" "Mao Zedong" بكين . و أعلن عن قيام جمهورية الصين الشعبية . و هرب منها زعيم القوميين المهزوم "تشانغ كاي تشيك" "Chang Kai Chek" إلى جزيرة تايوان . و صار الآن من المحتمل أن يؤدي الصراع بين الصين، و تايوان و تدخل الولايات المتحدة إلى نشوب حرب لا نعلم مداها .


الموقع و الخصائص الطبيعية 

جزيرة "تايوان Taiwan" أو جمهورية الصين الوطنية ، و هي منطقة جبلية ، تقع في المحيط الهادي شرق الساحل الصيني.  يفصلها عنه مضيق تايوان . عاصمتها "تايبيه Taipei" . كانت تسمى بجزيرة "فموزا" . تقدر مساحتها 36 ألف كم مربع . يسودها مناخ شبه مداري في الشمال ، و مناخ موسيمي في الجنوب . تتساقط الأمطار على الساحل الغربي ، و على المناطق الجبلية في موسم الصيف . تغطي الغابات نسبة 55 % من المساحة الإجمالية . تتركز السلاسل الجبلية الشرقية في الوسط . تتكاثر فيها أشجار الخيزران ، و الأكاسيا ، و السنديان ، و البلح ، و الموز ، و الكافور ،و السرو و الصنوبر ، و السرخس ،و البلوط .  الثروة الحيوانية متنوعة  تتغير تباعا مع إرتفاع المنطقة . تشمل : الماعز ، و الغزال ، و الخنزير البرية التي تكثر في المنطق الجبلية . أما القردة تعيش في المناطق الرطبة .


السكان في تايوان 

بلغ عدد لسكان سنة 1999 ميلادية 22 مليون نسمة . يعيش معظمهم في المنطقة الساحلية الغربية ، بكثافة سكانية عالية جدا 607 / كم المربع الواحد . معظم السكان من أصل صيني ، و أقلية من "الماليزيين" ، و "الأندونسيين" . و قد تزايدت هجرتهم إلى تايوان من بداية القرن السابع عشر إلى القرن العشرين ، على إثر قيام جمهورية الصين الشعبية ، و إستلام الشيوعيين مقاليد الحكم فيها سنة 1949 ميلادية . اللغة الرسمية فيها هي اللغة الصينية .أما الديانة فهي خليط من "البوذية" و "الكونفوشية" ، إلى جانب أقلية مسيحية و لإسلامية .


الخصائص الإقتصادية 

تايوان دولة متقدمة في الصناعة ، و الزراعة . تقدر الأراضي الزراعية بنسبة 25 % من المساحة الكلية . يزرع فيها الأرز ، و قصب السكر ، و الموز ، و الأناناس ، و الشاي ، و الأشجار الإستوائية المثمرة ، و الحبوب ، و الذرة ، و الفول السوداني .  تختزن أراض تايوان النفط ، و الغاز الطبيعي ، و الفحم الحجري ، و الفضة ، و النحاس ،و الكبريت و المرمر . يتميز النشاط الصناعي بإنتاج المواد الكيماوية ، و البتروكيماوية ، و تكرير النفط ، و الفولاذ ، و تركيب السيارات المنسوجات ، و المواد الغذائية . تملك الجزيرة شبكة من الطرق الرئيسية تبلغ 16700 كم ، و من السكك الحديدية 3700 كم . تلعب هذه الشبكة دورا هاما في التنمية الإقتصادية ، و ترقية النشاطات الإجتماعية ، و السياحية إلى جانب الملاحة البحرية و الجوية . تعتمد تايوان العملة اليوان أو الدولار التايواني الجديد. 


نبذة تاريخية عن جزيرة تايوان

وصل البرتغال إلى جزيرة تايوان سنة 1590 ميلادية في إطار الإكتشافات الجغرافية . سميت في ذلك الوقت بجزيرة فرموزا . في سنة 1624 ميلادية إستولى عليها الهولنديون الذين طردوا من قبل القوات الصينية . في سنة 1895 ميلادية إستعمرت الجزيرة من قبل اليابان رغم المقاومة الشعبية . في نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 ميلادية عادت الجزيرة إلى الصين . لكن وحدات عسكرية بقيادة شانغ كاي تشيك إقتحمتها و إستقرت بها، فصارت فيما بعد ملاذا آمنا لقوات و أنصار هذا القائد الهارب بعد قيام جمهورية الصين الشعبية سنة 1949 ميلادية .

سنة 1950 طالبت الولايات المتحدة أن تكون جزيرة تايوان عضوا في هيئة الأمم المتحدة ، و صرحت بحمايتها من أي هجوم محتمل عليها من طرف الصين . منذ ذلك الوقت تمكن "تشانغ كاي تشيك" من تنمية قدراته العسكرية في المنطقة . في سنة 1971 ميلادية تنازلت تايوان عن مقعدها في هيئة الأمم للصين الشعبية . إعترف الرئيس الأمريكي نيكسون سنة 1972 ميلادية أن الصين و تايوان بلد واحد ، و أن الصين الشعبية هي الممثل الشرعي لهما. و على هذا الأساس تحسنت العلاقات بين "بكين" و "واشنطن" . في سنة 1997 ميلادية إسترجعت الصين مستعمرتها "كونغ كونغ" من بريطانيا و شرعت في المطابلة بعودة الجزيرة إليها . 


القلق المتزايد في تايوان

يتابع المواطنون في تايوان اليوم بقلق مصاعد ، التطورات المتسارعة في أوكرانيا ، و ما يجري على أراضيها من عمليات عسكرية شرسة ، غير متكافئة بين جيشها و الجيش الروسي . إلا أن هذا لم يمنعها من التعاطف مع "كييف" جراء هذه المحنة التي يمكن أن تحدث ماثلتها في أراضيها مع الصين . و على غرار هذه الحرب شكل مجلس الأمن القومي التايواني خلية أزمة لمسايرة التطورات العسكرية الصينية على حدودها . و ألح المجلس على رصد كل الأنشطة العسكرية الصينية ، و وضع الوحدات القتالية في حالة تأهب . جاء هذا الإجراء نتيجة ما قامت به الصين من نشر 150 مقاتلة في منطقة الدفاع الجوي ، و من مضاعفة طلعاتها الجوية قصد خرق المجال الجوي التايواني . و تتوقع أم بمقدور الصين الشروع في عملية إجتياح كاملة للجزيرة في أي وقت متاح .يقول بعض المحللين ، أن هذه المخاوف لا مبرر لها ، و يعتقدون أن الحديث سابق لآوانه . و أن الصين لن تتجرأ على إجتياح تايوان . لن تفعل ذلك الآن ، و لن تكون تصرفات روسيا هي المبرر . و رغم هذه التحليلات المطمئنة فإن الجزيرة عبرت بصراحة عن موقفها المبدئي .


موقف تايوان من تصرفات الصين 

تأبى السلطة في تايوان الإنصياع لضغوط الصين ، رغم إدراكها مدى قدرات "بكين" العسكرية المتقدمة . فهي مصممة على الدفاع على حدودها  ، و أمنها القومي . و ترفض رفضا قاطعا أية محاولة سياسية لإجبارها على السير وفق ما تخططه لها الصين . و حسبها أن هذا المسار لا يتكرم على المواطنين بالحرية ، و لا الحياة الديمقراطية ، بل سيحرمها من السيادة  الوطنية . ظهر موقفها بجلاء من خلال إرتمائها في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية ، و حلفائها في المنطقة و ذلك بعد مجيء الرئيس "دونالد ترامب"  2016 ميلادية , تعمل الآن جاهدة على توطيد العلاقات مع "اليابان" ، و "الهند" ، و "أستراليا" كونهم خصوم للصين . إنها تعتبر نفسها محور السياسة الأمريكية في منطقة المحيط الهندي و الهادي. و أن أحزابها تناضل من أجل تحقيق مطلب الإنفصال . 


طموح الصين إلى ضم تايوان 

رفضت الصين الشعبية أية مقارنة يبديها الغرب بين أزمة أوكرانيا ، و المطالبة بتايوان . و تعتبر أن من يدعي ذلك فإنه يفتقر إلى أدنى مستوى لفهم تاريخ قضية تايوان . هذه الجمهورية المصطنعة لجأت إلى جزيرة تايوان ، و إفصلت عن الصين سنة 1949 ميلادية بعد إنهزامها أمام الشيوعيين . و الآن ترفض العودة إلى وضعها الطبيعي في الصين . أن العودة إلى الصين أمر جد مشروع كونها تشكل جزءا طبيعي منها . و أكدت  وزارة الخارجية الصينية أن تايوان ليست أوكرانيا ، لطالما كانت الجزيرة جزءا لا يتجوء من أراضي الصين . إنها الحقيقة التاريخية لا يمكن إنكارها ، و من يستخدم هذه المقارنة ، فإنه يضلل الرأي العام العالمي ، و يحرض المشاعر المعادية للصين

قال رئيس الصين : إن إعادة توحيد الوطن بالوسائل السلمية ، يخدم مصالح الأمة الصينية كلها ، بما في ذلك المواطنون في تايوان . إن قضية تايوان شأن داخلي محض بالنسبة للصين ، و لا يحتمل أي تدخل خارجي .                          

تؤكد الصحافة الدولية من جهتها ، أن الصين ترفض الحوار الرسمي مع الإنفصاليين . و تعرض على الجزيرة نموذج الحكم الذاتي الذي يشبه ما يستخدمه في "هانغ كونغ" : دولة واحدة و مظامان . لكن جميع الأحزاب التايوانية الرسمية ترفض ذلك . و أن الرأي العام الصيني و مختلف التوجهات السياسية بما في  ذلك الأصوات المعتدلة في "بكين" إستبعدت الخيار السلمي في خضم هذا التوتر . و هي تتوقع الصدام العسكري لا محالة .


موقف الولايات المتحدة تجاه تايوان :

تراقب أمريكا ، وهي منشغلة بالحرب في أوكرانيا ، تحركات الصين على المستوى العسكري . و تخشى منها إنتهاز ظروف الأزمة لمضاعفة الضغط على الجزيرة أو مهاجمتها . و تعلم من خلال العمل الإستخباراتي ، أنها بدأت فعلا ببث الرعب في أوساط سكانها عن طريق نشر مقاتلات في منطقة حدود الدفاع الجوي الخاص بتايوان.

لا يمكن لتايوان كما نعلم ، أن تمنع عن نفسها خطر الصين ، و لا هي في مستوى الدفاع عن حدود ترابها ، إلا بإعانة أمريكا لها . ففي هذا المضمار ذكر بعض الخبراء السياسيين ، أن لدى الولايات المتحدة إلتزاما أمنيا تجاه تايوان في حال وقوع هجوم عليها ، على إعتبار أن الجزيرة تكتسي أهمية إستراتيجية بالغة بالنسبة لواشنطن.

قال "دا جونغ لي" أستاذ العلاقات الدولية في تايوان: أن أمريكا لديها إلتزاما أمنيا إستراتيجيا تجاه تايوان ، يتمثل في الدفاع عن الجزيرة في حال التهديد الخطير على أمنها من طرف الصين .                   

و من جانب الصين ، يرى المحللون أن النزاع بين الصين و أمريكا في شأن تايوان ، قد يدخل المنطقة في متاهات لا مخرج منها بسلام . و أن قضية تايوان هي أكبر قنبلة موقوتة بينهما . 

هذا لا ينفي أن هناك حلولا قد تبدد الأجواء المشحونة بالتهديدات ، و تطمئن سكان المنطقة من هول الصدام بين أقوى الدول في العالم . في هذا الصدد ، إلتزمت أمريكا و الصين في الآونة الأخيرة ، بما يسمى بإتفاق تايوان ، الذي يقوم على الإعتراف بالصين كدولة  دون تايوان ، و يمكن إقامة علاقات سياسية و إقتصادية معها. و أن مستقبل الجزيرة يحدد بالطرق السلمية . و أن الإلتزام يسمح أيضا لواشنطن ببناء علاقات غير رسمية مع تايوان، خاصة في المجال العسكري.


مصادر البحث .

  1. الكاتب محمد سليمان . الموسوعة العربية . بحث في جزيرة تايوان .
  2. ويليام يانغ  William Yang . مراسل صحفي . تقرير 03 / 04 / 2022 .
  3. جريدة العربي الجديد . تقرير 11 / 10 . 2021 .










google-playkhamsatmostaqltradent