recent
أخبار ساخنة

.من النصرانية إلى المسيحية و أخيرا إلى الإنجيلية الصهيونية

أستاَََد أفغول عبد القادلر
الصفحة الرئيسية




من النصرانية إلى المسيحية و أخيرا إلى الإنجيلية الصهيونية

 أحداث النبي عيسى عليه السلام يسوع



إن هذا المسيح لشخصية تاريخية حقا و ليست أسطورية و ليست مجرد رمز. إنه يظل على الدوام أعلى نموذج للدين يمكن أن يصل إلى فكرنا. ولا يمكن أن يصل أي إنسان إلى التقوى بدون حضوره في القلب. 

دافيد سراوس



عرفت رجالاً كثيرين، أناساً من كل نوع وشكل، لكننى أقول لكم، يسوع المسيح لم يكن إنساناً عادياً كل ما يتصل بالمسيح يدهشني، روحه ترهبني إرادته تذهلني، هو كائن بذاته، متفرد نادر وحيد ليس له مثيل.. فكر المسيح.. الحق الذى ينادى به.. قدرته على الإقناع.. كل ذلك لا يمكن أن يصدر من بشر عادى مثلنا، و لا من طبيعة مخلوقة كطبيعتنا
نابليون بونابرت



 . كلمة في الموضوع 


 لو أدرك المسيحيون، أتباع مختلف المذاهب الدينية المسيحية في العالم اليوم، حقيقة شخصية النبي عيسى عليه السلام، من خلال النصوص الأصلية المقدسة، أو ما ورد في القرآن الكريم، و كتب علماء الإسلام و بعض المؤرخين الموضوعيين قديما و حديثا، لزالت الصراعات العقيدية و الفكرية، و الحروب الطويلة بإسم الدين، بين الشعوب المسيحية هذه، و الأمة المسلمة. 


 لشاع الوفاق التام و سادت روح الوئام و المحبة و التفاهم بينهم. إننا معشر المسلمين مقتنعون إقتناعا لا يرقى إليه شك، بأن أسباب هذا التصادم الآلي المتكرر المقيت، و النزاع الدائم، الذي غذته الأغراض السياسية، و الأطماع الإستعمارية ليبقى متفاقما و خطيرا بين هذه الشعوب، على الدوام.


 كان منذ العصور الإسلامية السالفة إلى غاية عصرنا الحالي، وهذا الأمر يعزى في نظرنا إلى الجهل أو تجاهل ثقافات الآخر، و جدية الحوار و التقارب بين الأديان، من قبل رجال الدين لدى الكنيسة المسيحية، مع أهل الفكر الإسلامي و علمائه و دعاته. إن المسلمين خاصتهم و عامتهم ليعرفون جيدا أن طبيعة شخصية وتعاليم سيدنا المسيح، قد تم التلاعب بنصوصها أثناء تدوين الكتب المقدسة. 



كما تم إخفاء جزء هام منها لغايات سياسية أو إيديولوجية أو دينية أو مصالح مادية بحتة. لقد صار اليوم من العسير جدا على المفكرين و المؤرخين النزهاء، العرب، و العجم على السواء، تجلية حقيقة و طبيعة شخصية هذا النبي الكريم، و تعاليمه المقدسة، التي تعرضت للأسف أثناء حملات التبشير إلى عمليات تشويهية مدروسة من قبل أتباع الكنيسة، و ذلك منذ القرون الأولى من ميلاد المسيح.


 و مع ذلك أنهم يدركون تمام الإدراك، أن بعض النصوص الأصلية التي تم إنقاذها بطريقة أو بأخرى من أيادي التحريف، موجودة لكن الوصول إليها بات صعبا للغاية أو مستحيلا. و رغم ذلك فإن جهودهم لا زالت متواصلة في تقصي حقيقة أمر هذه المصادر و محتوياتها، التي تتعلق كما قلنا، بشخصية النبي عيسى عليه السلام و تعاليمه، و إثبات الصحيح منها، كما وردت بالفعل في النصوص المقدسة، أي الإنجيل الأصلي.


 إن الكنيسة المسيحية في وقتنا المعاصر، تدرك ذلك جيدا و تلتزم الكتمان تجاهه عمدا و إصرارا، بحكم أن مقاليد السلطة الدينية ظلت بيدها على الدوام، فأهلت رجالها على إخفاء بمهارة الحقيقة بطبيعة شخصية المسيح عليه السلام، كما جاءت في الموروث الديني الأصلي عندهم، والذي يعد بنسبة إليهم المرجعية الأساسية الموثوق بها في العقيدة النصرانية.


 إن من إختصاص الكنيسة كذلك، و من صلاحياتها، دون غيرها، و من مصلحتها أيضا، أن تحافظ على هذا الموروث الديني كما تناقلته الكنائس قبلها منذ الإمبراطور قسطنطين الأول، لكي يستمر تأثيره القوي على وجدان نسبة هامة من سكان المعمورة، من أقصاها إلى أدناها. فنراها تدافع عليه دفاعا مستميتا بإستعمال كافة الوسائل المادية، و بتجنيد علماء اللاهوت و المؤرخين المختصين في الشأن الديني، ليجاروها في طريقة إثبات نظرتها التأويلية لطبيعة شخصية عيسى عليه السلام.




 إننا نعلم بداهة أن الدين المثقل بالأباطيل و الخزعبلات الفلسفية، و المشوه بالمعتقدات المستوحاة من صلب الوثنية الضالة، سيستقطب البشرية و يستهوي ألبابهم، إذا لقي دعما قويا من طرف مؤسسات سياسية، و دينية و قوى عسكرية رسمية، تماما مثل ما حدث للديانة المسيحية على مر التاريخ، و تظل الكنيسة عندئذ تمتلك لوحدها بعد ذلك، الحق الكامل في رعاية المؤمنين، و أتباع هذه الديانة المتواجدين في كل بقاع العالم. بل و التحكم في رقابهم. 


فهي تتمسك بهذا المنحى الباطل دون كلل و بلا تقصير، لأن ذلك هو سر صدارة هذا الدين، و سر هيمنتها على شعوب القارات. ستناضل على الدوام لتصل إلى توثيق عرى المسيحيين، و تأمين وحدتهم في العالم، و تجنيبهم خطر الإسلام المتنامي بشكل مضطرد. إن مسألة الخوض في حوار جدي و صريح بين الأديان، خاصة الإسلام و المسيحية، لا يمكن أن يكون بناءا، و لا مثمرا بينهما، لأن سر ضعف الدين المسيحي يكمن بداية في تناقض المفاهيم و إختلاف التفاسير لطبيعة سيدنا عيسى عليه السلام. 


زيادة على ذلك الغموض الذي يكتنف تعاليمه المقدسة و الحشو المفرط لشعائر ولممارسات طقسية هي غريبة جدا عن هذا الدين. و بالمقابل، أن سر قوة الدين الإسلامي و تمسك شعوب الأرض به، يكمن بداهة في بساطة وضوح تعاليمه، و سمو قيمه الشاملة، و يسر ممارسة شعائره. يدافع الإسلام عن نفسه بالحجج الدامغة، و البراهين المنطقية الصحيحة، إنه دين وسط، خال من المفاهيم المتناقضة الغريبة، دين الفترة السوية و العقل السليم.




 لذا إذا إفترضنا جدلا أن الحوار الديني الذي بات مطلبا ملحا و ضروريا في أيامنا هذه، سيتم لا محالة بين الشعوب، سيؤدي إلى فشل إدعاءات الكنيسة المسيحية فشلا ذريعا، إذا أتسم الحوار بالجدية و الصراحة المطلوبتين كما ذكرنا. و سيتم دحض كل المفاهيم المشوهة للحقائق الدينية لأول وهلة يدار فيها.


 فهي عندئذ، تتملص من هذا الحوار، و لا تريده حتى يتنازل المسلمون عن الكثير من المفاهيم و الحقائق التي أوردها الكتاب الكريم، و السنة النبوية الشريفة، في شأن تفاصيل شخصية و حياة عيسى عليه السلام. من جهة أخرى، إن من بين الأسباب القوية في تعدد المذاهب الدينية عند المسيحيين قديما و حديثا، و إختلافها بشكل واضح كما نراها الآن، يعود أساسا في إخفاق مساعي دعاة المسيح، أو ممن يدعي ذلك، في تفسير طبيعة حياته و تعاليمه التي بعث من أجلها. 


هذا الإخفاق الذي لطالما حاولت الكنيسة التستر عليه أمام أتباعها، سيظهر يوما ما، و ستنجلي معه حقيقة حياة المسيح البسيطة، و العادية والمتواضعة و المتعبدة لله. و ستكتشف الشعوب المتدينة به، أن ما كانت تروجه الكنيسة لهم، ما هو إلا خداع و وهم و ضلال، أبعدتهم بواسطته عن حضارة السلام و التسامح، و حرية التعلق بمحبة الله الحقيقية و الرأفة بعباده، و إغرقتهم في وحل الكراهية و العنصرية و رفض الآخر و التعالي عليه، تماما مثل ما فعله اليهود مع الآخرين أو الأغيار من أبناء البشر. 



ستظهر الحقيقة و يقتنع بها الناس بشكل يقيني و نهائي، كلما إكتشف العلم الحديث زيف هذا الدين و إنخداع البشرية به. و من بين الخطوات العملاقة التي قام بها العلم الحديث في هذا المضمار، إكتشافه للفائف قمران 1 ، أو مخطوطات البحر الميت في الأردن عام 1947 ميلادية من قبل علماء الأثار منهم السيدة إيدا سميث، الذي إحتوى على 850 قطعة


هذه المخطوطات تثبت أن المسيح بشر كسائر البشر، لم يصلب البتة، مكنه الله بعدة معجزات لأثبات نبوته أمام تطاول و تعنت اليهود، و نكران السلطة الرومانية لتعاليمه، التي رأت فيها تعارض لمصالحها بشكل صريح آنذاك. إن الله بعثه ليكرس تعاليم نبيه سيدنا موسى عليه السلام، التي لم تسلم من أيادي الأحبار و الحاخامات اليهودية العابثة من قبل. 


لا يخفى على الكثير من الناس، أن العهد الجديد أو الأناجيل الأربعة التي خاض دارسوها غمار التفلسف الفكري اللاهوتي البحت، في تفسير طبيعة المسيح، في الحقيقة أن هذا التفلسف زكى جذوة الصراع الديني بين الكنائس المسيحية، في الشرق و الغرب. 



و عوض البحث على الوفاق بينها بالحد الأدنى على الأقل، خلال المجامع المسكونية المعروفة في تاريخ المسيحيين، أبت إلا المضي بأتباعها نحو الرضى و الإيمان بعقيدة أكثر تشويه و مسخا من سابقتها، العقيدة اليهودية Judaïsme . إن الأدلة على مكابرة و تعصب الكنيسة لهذا الدين، لعديدة جعلتها تعمى و تصم عن الحقيقة المطلقة التي وردت قديما و حديثا في عدة مصادر دينية و غير ذلك، منها كتاب القرآن الكريم، و السنة الحميدة ، و مخطوطات البحر الميت، التي تم تهريب جزء منها إلى أمريكا و إسرائيل، بتواطؤ رجال الأعمال و رجال الدين.


 و قامت بإخفاء إنجيل برنابا الخامس الذي لم يحظ بإعتماد الكنيسة المسيحية له. و هذا ما يفسر في أيامنا هذه، عزوف الكثير من المتدنيين في العالم عن ديانتهم المسيحية، و الإقبال على ديانات أخرى منها الإسلام على الخصوص، لما لمسوه فيه من إنسجام تام مع عقل و مشاعر و وجدان كافة البشر. 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


  1.  لفائف لقمان : هي مخطوطات تحتوي على 850 قطعة من نصوص الإنجيل الأصلي، اكتشفت 1947 ميلادية في مغارات لقمان قرب البحر الميت بالأردن.






المذاهب الدينية قبل و أثناء ميلاد السيد المسيح. 



 شهد بنو إسرائيل قبل ميلاد و أثناء بعثة المسيح، إنقسام أمتهم اليهودية إلى عدة مذاهب و طوائف دينية متناحرة فيما بينها، أدت إلى تشرذم المجتمع و تفككه إلى أتباع و مناصرين تتجاذبهم هذه المذاهب، كما ساءت من جراء ذلك أوضاعهم الأمنية. صارت كل طائفة من هذه الطوائف ترى أن مذهبها هو الصحيح، و أنها هي على حق و غيرها على باطل. 


و بالتالي أصبح من المعقول لديها، أن تبذل كل واحدة ما في وسعها للدفاع عنه، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الأمة اليهودية الدينية و الإجتماعية رغم أن دين سيدنا موسى عليه السلام و ما يحتويه من تعاليم مقدسة لا يقبل التأويل و الأخذ و الرد. من بين بعض الطوائف الدينية 


الطوائف الدينية.



  •  الصدوقيون.


 تمثل طائفة الصدوقيين في المجتمع اليهودي، طبقة المترفين على الخصوص، إنها أشد مقتا للناس و عداوة للمسيح و التعاليم التي جاء بها، و التي هي في الحقيقة إمتداد لتوراة موسى عليه السلام من قبل. تخبرنا الأناجيل المسيحية بأن السيد المسيح قد تعرض لمكائدها و غدرها مرارا. إستحوذت هذه الطائفة على منصب الكهنة منذ عهد النبي داود وسليمان عليهما السلام. إنها لا تعتقد بوجود الروح، و لا بالملائكة، أو القيامة أو البعث أو الجنة و النار. هذا مدون بكل وضوح في كتبها المذهبية.


  •  الفريسيون

 ظهرت هذه الطائفة قبل قرنيين من ميلاد المسيح يطلق عليها فروشيم، و هي أقوى طائفة دينية من حيث عدد الأتباع، إنها تمثل عامة الناس دون تمييز و لا تفرقة عنصرية، و لها سمعة طيبة عندهم. تعتبر أكثر الطوائف تمسكا بالدين و الدفاع عنه بإعتباره دين الأسلاف، و حرصها الكبير على الدين أدى بها إلى الوشاية بعيسى عليه السلام لقتله. 


و كما أنها أكثر تسامحا و طيبة و معاملة مع عامة اليهود. بل كانت تثور من أجلهم على السلطة الحاكمة، و على كهنة الهيكل، و تشن حربا شعواء على البدع الأجنبية المتسللة إلى مجتمعهم من المعتقدات الوثنية. يعتقد أتباها بالبعث و العدل الإلهي و تنزيه الإله من الصفات الجسمانية


  •  الآسينيون.

 ظهرت طائفة الآسينيين في القرن الثاني قبل الميلاد ثم إنقرضت بعد تحطيم أورشليم . تقترب في عدد أتباعها، الطوائف السابقة. كانت تستقر في جنوب فلسطين خاصة في مدينة الجليل، لا تعترف بالهيكل على الإطلاق. أكثر الطوائف تمسكا بالعقيدة اليهودية لا غير. بحيث أن أتباعها يتطهرون، ويصلون عند الفجر، ولا يمارسون العمل يوم السبت، يؤمنون بيوم القيامة و البعث فقط، و ينتظرون قدوم عيسى المسيح و يسوع دعوته. 


 لا يؤمنون بما جاء به بولس الطرسوسي. لا يعترف الآسينيون بالملكية الفردية و لا بالزواج. ويحترف جل أتباعها الزراعة والحرف التقليدية كمصدر لحياتهم المعيشية، يفضلون أكل النباتات عن سائر الذبائح من الحيوانات. لقد عرفت هذه الطائفة بعدم إنصياعها لأوامر السلطة، و رفضت في كثير من الأحيان ما قام به حكام سوريا التابعين للرومان من إحصاء السكان قصد دفع الجباية للقيصر، و تسخير أتباعها لخدمته. بعد تدمير الهيكل أصبح أتباع هذه الطائفة يعرفون بالمسيحيين اليهود.



  • السامريون.

 يعتبر أتباع هذه الطائفة خليطا من اليهود والآشوريين، الذين عادوا من بابل إلى فلسطين بعد ما تحرروا من الأسر و السبي أيام الحكم الفارسي . يشكل السامريون نسبة قليلة لهذه الطائفة. ينسب بعض المؤرخين أتباعها إلى سيدنا يعقوب عليه السلام أي إسرائيل. تعتقد هذه الطائفة أنها من سلالة شريفة إختارها الله و هي الصفوة من بني إسرائيل، شيدت هذه الطائفة هيكلا خاصا بها على غرار هيكل بيت المقدس، يتعبد أتباعها فيه و يحجون إليه.


 تم هدمه من قبل الرومان، و بني مكانه مدينة نابلس بفلسطين. مما تعتقد به أشد الإعتقاد وحدانية الله و نبوة موسى عليه السلام و يوم القيامة. لقد قامت هذه الطوائف الدينية على السواء بمناهضة المسيح عليه السلام و بالإفصاح جهرا عن إستنكارها و تذمرها الشديد و رفضها الكلي لما جاء به عيسى عليه السلام من تعاليم و قيم أخلاقية راقية تخالف في نظرها الديانة اليهودية التي هي في حقيقة الأمر إستمرار لعقيدتهم. 


لقد هيئت هذه الطوائف الدينية المجتمع اليهودي إلى أجواء الرفض و الكراهية لدين عيسى عليه السلام دون نقاش أو تفكير أو ترو أو تبصر رغم أن العقيدة المسيحية كانت في بداية عهدها، و رغم أن المسيح لم يتلق بعد كل تعاليم الوحي الإلهي حتى يمكن لهم من فرصة التمييز بين دينهم و الدين الجديد و بين الدين الكامل و الدين الناقص. هذه هي الأجواء الدينية التي سيتربى فيها المسيح و ينشأ، أجواء الكراهية لدين الله الجديد، و التعصب لعقيدة يهودية غزتها الوثنية بعدما فككتها هذه المذاهب الضالة. 



المذاهب الفكرية قبل بعثة المسيح.


لقد عرف المجتمع اليهودي قبل البعثة كذلك حركة فكرية دينية و فلسفية هامة جدا، إبتداءا من القرن الثاني قبل الميلاد تمثلت في ترجمة أسفار التوراة المقدسة من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية، ثم إلى اللغة الآرامية في عصر المسيح. والآرامية هي اللغة الغالبة التي إعتمدها المسيح في إنكبابه على دراسة التوراة و التفقه فيها، كما صار على منواله تلاميذه في مهمة تبليغ الرسالة، و كانت كذلك لغة التوراة الأصلية. 


و صارت اللغة اليونانية فيما بعد هي لغة الأناجيل، والسريانية هي لغة التوراة والإنجيل معاً. بهذه الكيفية سعى المفكرون إلى الترجمة و تفسير الكتب المقدسة بكل يسر إعتمادا على اللغة اليونانية التي أضحت لغة الجميع في ظل الحكم الروماني. أما المذاهب الفلسفية اليونانية التي طغت على الحياة الفكرية عند اليهود ، و على التصورات الدينية عند الطبقة المثقفة من الناس على الخصوص، و كان لها إنتشار واسع و تأثير قوي جدا عليهم هي: 

  • الفيثاغورية Pythagorisme.
  • الأبيقورية Epicurisme.  
  • الرواقية Stoïcisme.

وكانت جميع هذه المذاهب تطمح إلى غاية واحدة هي الإنطواء الفكري الموغل في الغيبيات و السكينة الروحية والراحة النفسية. 


ظهرت هذه المدارس الفكرية بين محور قبرص وآسيا الصغرى. و وصلت إلى فلسطين بحكم الإحتلال اليوناني ثم الروماني. من بين معتقداتها، كانت الفيثاغورية تؤمن بمبدأ تناسخ الأرواح، كان المذهب الرواقي يعتمد على تلافي و تجنب معاناة الحياة، و الصبر على الشدائد، و مجافاة الشهوات الجسمانية و السعي إلى عفة النفس و طهر الجسد، لأنهم كانوا يؤمنون بأن الوجود كله له أصل واحد، ولذا تقاسم المذهب الرواقي والأبيقوري أفكار و هموم طبقة المُعدمين والعامة في فلسطين.


 و هي على العموم مدارس فكرية تعتمد على العقل كمصدر للمعرفة. يقول أبيقور: لماذا أخاف الموت فطالما أنا موجود فإن الموت لا وجود له و عندما يكون الموت فإني لست موجودا فلماذا أخاف ذلك الذي لا وجود له عندما أكون موجودا.


 و يقول فيثاغورس: قوة العقل تكمن في الرصانة لأنها تبقي عقلك بعيدا عن تشويش العاطفة


 إن من نتيجة تفاقم الصراعات المذهبية الدينية من جهة، و المذهبية الفلسفية من جهة أخرى، بات المجتمع في ظل هذه الأوضاع الفكرية و العقيدية المتناقضة إذن يتصف بالعصبية المفرطة فيما بين طوائفه و أفراده. وأصبح أبناء الأمة الواحدة، طوائف متعددة الإتجاهات العقيدية، و المشارب الفكرية، يعمها التقوقع الفكري و النفور من الغير، و عدم التفاهم و التلاقي حول مسألة ما. قال الله في حق المسلمين. وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

  1. الفيثاغورسية : مذهب فلسفي أسسه فيثاغورس اليوناني عالم في الرياضيات ما بين 570 ـ 495 قبل الميلاد.
  2.  اللأبيقورية : مذهب فلسفي عقلي أسسه أبيقور اليوناني ما بين 341 ــ 270 قبل الميلاد.
  3.  الرواقية : مذهب فلسفي عقلي أسسه زينون ما بين 334 ــ 262 قبل الميلاد. 
  4. سورة الأنفال الآية 46 




فجاءت دعوة المسيح عيسى عليه السلام في أوانها، إنها لدعوة شعارها جمع الشتات الفكري و التنائي عن التيه الفلسفي و توحيد الأمة على كلمة سواء، و فتح الأبواب على مصارعها لتوبة الخطائين، و الصفح على المذنبين و طلب الغفران، فهي رسالة تحث على الأخلاق السديدة، و تحاول تجنب التشريع في بداية أمر تبليغ الرسالة، فالتركيز على الوعظ و التشبث بالأخلاق الفاضلة و إصلاح النفس الأمارة بالسوء من أدران الخطيئة و الكفر و النكران، هو شغل شاغل المسيح عليه السلام، أي القيام بتغيير البواعث في نفس الإنسان من الشر إلى الخير من الغلظة إلى الطيبة و تهيئته للخير و الصلاح، لا تغيير حجم و مقدار الخطأ و الخطيئة التي إرتكبها المرء في سابقه. 


.من النصرانية إلى المسيحية و أخيرا إلى الإنجيلية الصهيونية
أستاَََد أفغول عبد القادلر

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent